الجمعة، أيلول ٢٩، ٢٠٠٦

كتاب المقاومة الوطنية العراقية 9

بقلم : حسن خليل غريب

الملاحـــــــــق

2- بيانات حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق والقيادة القومية

1 في الذكري (14) لرحيل ميشيل عفلق أواخر حزيران 2003م
2 حول مجلس الحكم الانتقالي في 11/ 7/ 2003م
3 مطار البصرة هدف عسكري للمقاومة في 28/ 8/ 2003م
4 المنهاج السياسي والاستراتيجي للمقاومة في 9/ 9/ 2003م
5 بيان قيادة قطر العراق بتاريخ 8/ 10/ 2003م
6 القيادة القومية تدعو إلى تصعيد المواجهة في 25/ 7/ 2003م
الملحق (1)
بيان من أبناء ومناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي في الذكري الرابعة عشرة لرحيل ميشيل عفلق
تأتي ذكرى رحيل ميشيل عفلق، رائد الفكر القومي العربي العلمي الحضاري ومؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي، مليئة بمعاني المسؤولية التاريخية النضالية وبواجب إجلاء الحقائق لاستعادة ينابيع اندفاعة الثقة والتصميم على ظفر الأمة الحاسم في مواجهة المؤامرة عليها.
تأتي هذه الذكري في وقت حلت فيه شناعة أعداء الأمة العربية وأعداء الإنسانية، وظهرت على حقيقتها تلك الأنظمة السياسية في أقطار عربية عاونت، بحقد، الأجنبي على قتل الحلم العربي وعلى إعادة الاحتلال العسكري وأمراض التجزئة والشعوبية والطائفية.
لم يعد هناك مكان الآن لأي التباس في نوايا أعداء الأمة العربية، فهم يريدون قتل تطلعها الحضاري، والاستيلاء على ثرواتها ومقدراتها، ولم يعد هناك شك بطبيعة معركة العرب، فهي معركة وجود وتطور، ومعركة شاملة وحاسمة.. لقد فرضت أفكار البعث الأصيل وصحة مبادئه وتصوراته على الأعداء أن يزيلوا كل غشاء عن أهدافهم، فاضطروا إلى استخدام أضخم أسلحة مجرمة عرفها التاريخ لضرب إنسانية العرب، ولهدم الإرادة العربية، ولاحتلال العراق وقتل شعبه.
فإذا ظهرت حالة الواقع العربي الراهن بمثابة انتكاسة جديدة مليئة بالآلام الصعبة، فإنها مناسبة ثمينة للمراجعة الكافية وللعودة إلى الينابيع النقية العميقة من أجل صناعة الانطلاقة الجديدة الأصيلة والجريئة، وهذا ما يمثله ميشيل عفلق، بالنسبة للبعثيين وبالنسبة لمفكري ومناضلي الأمة العربية، أمانة في الاهتداء إلى الثقة النقية، والتفكير الحي، والعمل المستقبلي الذي لا مهادنة فيه.
فالمسألة ليست إزالة حكم في العراق، إنها مؤامرة خطيرة جداً، أُعد لها منذ أمد بعيد، واستُهدِف بها العراق، لأن العروبة كانت منذ مئات السنين وما زالت تدافع فيه عن وجودها، ولأن شعبه أُخضع لأقسى إجحاف دولي بحقه، وكان المقصود إرعاب كل الشعب العربي أينما كان.. واستُهدِف بها البعث لأنه بقي مدافعاً قومياً عن حقوق الأمة وعاملاً حياً في سبيل نهضتها. لهذا لم يكن مفاجئاً أن ترافق هذه الهجمة، عملية قتل مكثف للشعب الفلسطيني واستلاب لأدني ما يتبقى من كرامة أرض وشعب وروح.
فطالما أن الشعب هو الضحية، وطالما أن إمكانية الانبعاث الحضاري هي المستهدفة بهذا التدمير الأمريكي ـ الصهيوني، فالعمل النضالي بكل أوجهه واجب مقدس، ولا نهوض إلا بالعودة إلى الينابيع الصافية المتدفقة من عمق النفس العربية ومن الروح القومية الطاهرة، من أجل الاستزادة منها واستمداد القوة القاهرة واليقظة الضرورية. وشروط هذه العودة، التي تشابه في حقيقتها تحقيق ثورة جديدة في العمل القومي النضالي، تكمن في التأكيد على الإيمان بالعروبة كمنطلق لهذه الثورة، في شمولية المواجهة وحسميتها على مختلف الأصعدة، في ممارسة العقل العلمي الواقعي المصمم على الحرية والنهضة، في تجرد النفس من الأمراض والمصالح والقدرة على النقد الذاتي الدائم والأخلاقي، في حب الشعب والإخلاص لمصالحه مهما كانت الصعوبات والتحديات، في الاستعداد لتقديم التضحيات بالمصالح والنفس من أجل انتصار حق الشعب كاملاً دون أدني تنازل أو مساومة.
فمثلما عاش ميشيل عفلق حياة صدق وتفاعل مع المبدأ والشعب وقضايا الأمة، وأخلص بإيمانه ونضاله وتضحياته، فكان مصدر ولادة لجيل عربي جديد، ولأفكار متنورة، منذ نشأة البعث في الأربعينات وعبر عشرات السنين، كذلك يستعيد اليوم أبناء البعث العربي من هذه الينابيع، ومن الخضوع لعظمة معاني استشهاد البعثيين وكل عربي في سبيل قضايا الأمة العربية، الاندفاعية التاريخية الضرورية لمواجهة الأحداث الراهنة المصيرية باستراتيجية نوعية جديدة تضع نهاية لهذه المؤامرة وتمحي كل أعوانها، داخل الجسد العربي وخارجه.
تحية حب وإجلال لأرواح شهداء العراق وفلسطين.
تحية إلى مناضلي البعث وقوى الصمود، وإلى العمل الجذري، في سبيل انتصار الشعب العربي في كل مكان، وتحرير العراق وفلسطين كاملة.
المجد والخلود للأمة العربية المجاهدة ذات الرسالة الحضارية إلى الإنسانية.
والويل للخونة وأعوان الأجنبي والأنظمة المرتزقة، فاليوم هم معروفون تماماً، وسيواجهون عاجلاً جزاءهم القاسي ونهايتهم المحتومة.
أواخر حزيران / يونيو 2003مأبناء ومناضلو البعث العربي
الملحق (2)
حزب البعث يتعهد معاملة مجلس الحكم مثل إدارة الاحتلال وقواته وعملائه
11/7/2003 لندن : قال الحزب في بيان تلقت القدس العربي نسخة منه:
يا جماهير الأمة العربية العظيمة،
تتعاظم المقاومة الباسلة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي في القطر العراقي المحتل، وتفرز عمليات نوعية ذات تطبيقات عسكرية قتالية محترفة بالتعرض لمقار وأرتال وأفراد قوات الاحتلال، أو تداخلات فنية وإجهاضية لمنع إدارة الاحتلال من تنفيذ وتعزيز مخططاتها وإجراءاتها الاحتلالية في السياقات الأمنية والإدارية والاقتصادية وغيرها...
وكما حذرنا متوعدين عبر بياناتنا الصادرة عن جهاز الإعلام السياسي والنشر، فان الوقائع والأحداث تؤشر على قدرة تنفيذ مناضلي ومجاهدي المقاومة البواسل للعمليات المولجة بها، وتصاعد وتعميم المقاومة على امتداد العراق الأغر.
وهذا من البعث، تجديداً بالوعد وتأكيداً، بالعزم النضالي، على استمرار وتعاظم المقاومة حتى طرد المحتل وتحرير العراق، وهو في الوقت نفسه خلقاً وحافزاً لبيئة المقاومة المسلحة الوطنية العراقية العريضة.
لقد خاطبكم الرفيق القائد مرتين خلال الأسبوع الحالي، وخاطب فيكم ومن خلالكم روح الجهاد والمقاومة وضمير الوطنية والكرامة وموئل النخوة والعزة، والتي بمجملها هي موضع فخر وتقدير أبناء الأمة العربية بكم وتطلعهم المفعم بالأمل والحرص بنجاح منازلتكم الشريفة لدحر العدوان والاحتلال ولفظ الخونة والعملاء وسماسرة الصهيونية الخاسئين.
والآن بدأ العد التنازلي لإظهار حقيقة التعاون الخياني والارتهان العميل لشراذم سياسية مستوردة من خارج الوطن وصنيعة للاحتلال والصهيونية من خلال تشكيل إدارة الاحتلال (لمجلس حكم) يتجاوز على حقوق العراقيين الوطنية والسيادية بما يدعم ويسهل تطبيق مخططات الاحتلال في سياقاتها السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
ولقــد حدد بريمر مشكِّلُ هذا المجلس وصاحب الولاية عليه عدداً من المهام وعُرف أهمها بالعمل على تخصيص القطاع النفطي الوطني وفتح الطـريق لاستثمارات الشركات الأجنبية.
البعث ومن مواقعه الراصدة، ومن خلال نجاحه في المتابعة الظلية لعدد من الخلايا واللجان الفنــية والقانونية المشكلة من قبل المحتل، وغير المعلنة، سواء العاملة منها داخل القطر أو خارجه، تمكن، وعلى سبيل المثال وفيما يتعلق بالقـطاع النفطي، من كشف مداولات ودراسات الخلية المكونة من كل من: منذر الفضل، وطه يوسف وزكية حقي المكلفة بدراسة دسـتورية وقانونية لإلغاء كل القوانين الصادرة عن مجلس قيادة الثورة وبالأخص القرار الذي شرَّع قانون تأميم شركة نفط العراق في الأول مـن حزيران (يونيو) 1972 وما لحقه من قوانين ذات صلة وما ترتب عليها من حقوق سيادية للعراق ومواطنيه.
إن ما قاله بريمر، عنـدما أعلن عن نيته لتشكيل مجلس الحكم وحدد مهامه، يكشف عن الدور المهين والخياني لهذا المجـلس الذي سيوصي بإلغاء وسحب كل الحقوق الوطنية المنتزعة والمكتسبة للشعب العراقي في نفطه ويعيد عقارب الساعة إلى الــوراء من خلال التأسيس على الفراغ القانوني والإداري في ملكية وتشغيل واستثمار القــطاع النفطي العراقي بما يسهل تنفيذ المخطط الأساسي للاحتلال من التمكن من السيطرة على نفط العراق وهو أحد الأسباب الرئيسية للحرب العدوانية الظالمة على العراق وشعبه.
وشدد البيان على أن المقاومة سوف تعامل مجلس الحكم بشخصيته الاعتبارية وأشخاصه الطبيعيين معاملتها لإدارات الاحتلال وجنوده ومعاملتها لعملاء الاحتلال والمتعاونين معه، وهي بذلك لا تخرج عن كل ما كان واعتبر مقاومة وطنية مشروعة عبر تاريخ الاحتلالات الأجنبية، وقتما كانت وأينما كانت، منذ أن كان هناك احتلال ومحتلون.

الملحق (3)
حزب البعث يعتبر مطار البصرة هدفاً عسكرياً للمقاومة
28/8/2003 لندن ـ القدس العربي: قال حزب البعث في بيان إن المقاومة ستعتبر مطار البصرة هدفاً عسكرياً محذراً شركات الطيران العربية من تسيير رحلات إليه.
وقال البيان الذي أرسل لـ القدس العربي أمس: تحاول قوات الاحتلال البريطاني ومن خلال تواجدها الاحتلالي في محافظة البصرة وتمركزها في مطار البصرة الدولي، والذي اتخذت منه مقرا رئيسيا لها، أن تفرض حالة إدارية وسياسية غير شرعية بالتشغيل التجاري للمطار، من خلال هبوط وإقلاع طائرات مدنية من جنسيات مختلفة، وفقاً لبرنامج يبدأ من نهاية شهر آب (أغسطس) الجاري.
ومع تناقل وسائل الإعلام المختلفة لقرار عدد من شركات الطيران العربية وغيرها بالتجاوب واستخدام المطار في رحلات مبرمجة أو اعتراضية من والي المطار، فإننا ابتداء نناشد شركات الطيران ولا سيما العربية منها والتي أبدت أو أعلنت عن نيتها تسيير رحلاتها المدنية من خلال طلبها بذلك من قوات الاحتلال بالعدول عن تطبيق برامجها وتعاونها غير الشرعي مع قوات الاحتلال البريطاني.
إننا نتطلع إلى قرار معلن بهذا الخصوص من شركات الطيران: الأردنية والقطرية واليمنية والمصرية وغيرها.لقد أفشلت المقاومة العراقية الباسلة خطط قوات الاحتلال الأمريكي للتشغيل التجاري لمطار صدام الدولي في بغداد من خلال تعاملها الاعتراضي العسكري مع المطار كهدف عسكري مشروع، وتوجيه نيرانها للطائرات المستخدمة للمطار. لقد حذر البيان الصادر عنا بتاريخ 16 تموز 2003 شركات ومؤسسات الطيران المدنية عربية وغيرها من إرسال طائراتها واستخدام المسالك الجوية لمطار صدام الدولي وأفشلت مسعى قوات الاحتلال الأمريكي. وكذلك وكما بينا في البيان الصادر عنا بتاريخ 10 آب (أغسطس) 2003 فان مطار الحبانية العسكري قد كان ولا يزال هدفا للتعرض العسكري من قبل المقاومة الباسلة وغيره من المطارات والقواعد مثل قاعدة البكر الجوية ومطار الفارس ومطار الباسل. إننا هنا وبعد المناشدة نحذر متوعدين بان مطار البصرة سيعامل كهدف عسكري مشروع للمقاومة الباسلة والتي ستعتبر الطائرات التي ستستخدم المطار ضمن أهدافها المشروعة بالتعرض لها من قبل صنف الدفاع الجوي وبأسلحته التقاطعية المتيسرة والمهيأة لهذه المهام القتالية. هذا التحذير سوف لن يكرر.
الملحق (4)
المنهاج السياسي والاستراتيجي للمقاومة الوطنية العراقية
جريدة المجد الأردنية: السنة العاشرة ، العدد 432 تاريخ 15/9/2003
تنفرد »المجد الأردنية«، بنشر النص الحرفي للمنهاج السياسي والاستراتيجي للمقاومة العراقية الباسلة، وفق ما وصلها على وجه الخصوص من جهاز الإعلام السياسي والنشر في حزب البعث العربي الاشتراكي، القائد المركزي لقوى المقاومة.
وقد اشتمل هذا المنهاج الذي يتسم بالدقة والشمول والوضوح معاً، على مقدمة تحليلية لطبيعة وأسباب وأبعاد الهجمة الإمبريالية على العراق، والتي بدأت بواكيرها منذ العام 1972 لدى تأميم النفط العراقي يومذاك، وبلغت ذروتها خلال العدوان الانجلو - أمريكي قبل خمسة شهور، واستهدفت بشكل أساس إسقاط النظام السياسي في العراق، ضماناً لأمن إسرائيل على الصعيد الإقليمي، وهيمنة الولايات المتحدة على النفط على المستوى العالمي.
كما تضمن المنهاج عرضاً لمواقف الأنظمة العربية والقوى الدولية من الأزمة العراقية - الأمريكية منذ بداياتها، وسرداً لأدوار هذه الأنظمة والقوى في الأزمة التي انتهت باحتلال العراق، واستوجبت بالتالي حتمية اندلاع المقاومة الوطنية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي، من خلال كوادره المناضلة، ومقاتلي الجيش العراقي البطل، وقوات الحرس الجمهوري الخاصة الباسلة، وقوات الأمن القومي المقدامة، ومجاهدي منظمة فدائي صدام البواسل، والمقاومين العراقيين الوطنيين، والمتطوعين العرب النجباء، والذين يعملون تحت مسميات وعناوين التعبئة والتشكيلات العاملة وفقاً لمقتضيات التعامل القتالي التعرضي على قوات الاحتلال الأجنبية المتواجدة والتي ستتواجد على ارض العراق، وبغض النظر عن جنسياتها وتسمياتها ومهامها ومدة تواجدها.
هذه المقاومة في الوقت الذي تقاتل فيه قوات الاحتلال وما تفرزه أو ترتبط به ومعه هذه القوات، فان من مهامها الأساسية في حربها التحريرية، التداخل الفني والإداري بما يعرقل ويمنع إدارة الاحتلال وما ينشأ عنها من تنفيذ مخططاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
هذه المقاومة عملياتها تغطي ارض العراق الطاهرة من أقصاها لأقصاها مجسدة وحدة التراب العراقي ومؤكدة الوحدة الوطنية العراقية ومدافعة عن عروبة العراق المستهدفة كإحدى غايات الاحتلال وما ينشأ عنه(]).
وبعد أن حدد هذا المنهاج هدف المقاومة العراقية المسلحة، المتمثل في طرد الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً.. أكد أن المقاومة العراقية كحركة تحرر وطنية تؤمن باستمرارية المقاومة وشرعيتها، وبشرعية وواجب التعامل القتالي مع المتعاملين والعملاء، ومنع وعرقلة جهد الاحتلال، وبتعميم المقاومة المسلحة على ارض العراق كلها وبفعل ومشاركة العراقيين كلهم، وبالعمل على تحقيق تشكيل جيش تحرير العراق، وبواجب وحق الجماهير العربية في الانخراط بالمقاومة العراقية المسلحة.
وتنشر »المجد« مقدمة هذا المنهاج، كما وردت من جهاز الإعلام السياسي والنشر في حزب البعث..
مقدمة للمنهاج السياسي والستراتيجي
أيها العراقيون الأباة،
يا جماهير الأمة العربية المجيدة،
في التاسع من أيلول الجاري دخل الاحتلال الأمريكي - البريطاني للعراق شهره الرابع وقد بدأت تلوح في الأفق القريب ملامح الهزيمة السياسية للعدوان الاحتلالي وبرامجه، وما يستتبعها من مأزق أخلاقي وسياسي للحكومتين الأمريكية والبريطانية.
هذه الهزيمة السياسية سبقت العدوان والاحتلال، وذلك عندما كانت القيادة السياسية في العراق قد أمسكت بأوراق المجابهة السياسية والدبلوماسية في المواجهة المستمرة منذ العدوان الثلاثيني، وعقب قرار وقف إطلاق النار، وما تبعه من سلسلة من القرارات الجائرة والصادرة عن مجلس الأمن الدولي والتي فرضت وعمقت وأدامت الحصار على العراق وشعبه.
لقد أدارت القيادة السياسية وبنجاح المجابهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا عبر مجلس الأمن، من خلال تجريد واشنطن ولندن من إمكانية الحصول على التغطية الشرعية للعدوان، وثبت بعد العدوان والاحتلال صحة الموقف السياسي العراقي بما أحرج ولازال يحرج من ادعى بحتمية العمل العسكري بسبب الملف الزائف لأسلحة التدمير الشامل العراقية.
لقد استهدفت القيادة السياسية العراقية وعبر المجابهة السياسية والدبلوماسية الوصول إلى قرار دولي برفع الحصار، وذلك كنتيجة منطقية لتطبيق العراق للقرارات الدولية ذات الصلة، والتي كانت تعدل وتحور باستصدار قرارات جديدة في كل مرة استنفدت فيه أغراض القرار السابق، بينما كانت الولايات المتحدة ومن والاها تستهدف ومنذ البداية النظام والقيادة السياسية العراقية واحتلال العراق والهيمنة على مقدراته وثرواته وإخراجه من ذاته الوطنية والقومية، وبما يسمح لها من تنفيذ استراتيجيتها الإقليمية المبنية على أمن وتفوق العدو الصهيوني والسيطرة على النفط العربي.
ومع انطلاق العدوان أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية قائمة الأهداف المحددة، وكان أولها كما ورد في المؤتمر الصحفي من مقر العمليات في الدوحة إسقاط القيادة السياسية العراقية وتلاه الأهداف العشرة الزائفة الأخرى، فالمواجهة الأمريكية المستهدفة للنظام السياسي في العراق هي حالة مشخصة منذ عام 1972 وبنيت على أسس قياسية مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة (الإمبريالية) في ذلك الوقت، والتي حكمتها تعادلية الحرب الباردة، والتداعيات اللاحقة لعدوان حزيران ،1967 والانسحاب العسكري البريطاني من شرق السويس "الخليج العربي"، وسياسات وأزمات الطاقة في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي.
لقد حددت المقاومة العراقية الباسلة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي أهدافها كحركة تحرير وطنية بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين. ومن هذا الاستهداف يصاغ منهاج المقاومة السياسي والستراتيجي لمرحلة المقاومة والتحرير، حيث سيصدر تباعاً وعبر بيانات خاصة بهذا الشأن وضمن فترة زمنية محددة ما يناقش ويصاغ وفقاً لأطر المناقشة والإقرار التي يعتمدها البعث في هذه المرحلة من نضاله الوطني والقومي لتحرير العراق.
العراق المحتل(]):
هو العراق الجغرافي- السياسي: »جمهورية العراق« ذات السيادة، والدولة العضو المؤسس في الجامعة العربية، والعضو في هيئة الأمم المتحدة، والمحتلة أراضيه من قبل القوات الأمريكية والبريطانية والأسترالية وغيرها، بفعل العدوان المخالف للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والذي شنت عليه الحرب في 19/3 / 2002 مما أدى إلى احتلاله وإسقاط حكومته الشرعية وإحلال »سلطة احتلال مؤقتة« مكانها. إن ما قام ويقوم به المحتل بتأسيس مجالس ووزارات وإدارات وهيئات سياسية وتنفيذية وغيرها لتحل مكان حكومة جمهورية العراق الشرعية، وبعد تاريخ 9/4/2003، يعتبر باطلاً وغير شرعي وهو جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال وتعامله المقاومة معاملتها للاحتلال نفسه.
قوات الاحتلال:
هي القوات العسكرية والإدارات والوكالات والمنظومات التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وغيرها من جنسيات أخرى، والمتواجدة على أرض العراق المحتل، وما يمكن أن يتواجد غيرها من قوات أممية بفعل قرارات لاحقة صادرة عن مجلس الأمن انطلاقاً من القرار 1483 الذي أعتبر العراق بلداً محتلاً. إن ما نتج وسينتج عن احتلال العراق بفعل الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا سواء من تواجد قوات متحالفة من جنسيات أخرى، أو قوات أممية أو إدارات وهيئات مختلفة ستعتبر وتعامل على أنها قوات وإدارات وهيئات احتلال وبذلك تكون أهدافاً مشروعة للمقاومة في حربها التحريرية.
المقاومة العراقية :
هي المقاومة الوطنية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي، من خلال كوادره المناضلة ومقاتلي الجيش العراقي البطل وقوات الحرس الجمهوري والحرس الخاصة الباسلة وقوات الأمن القومي المقدامة ومجاهدي منظمة فدائي صدام البواسل والمقاومين العراقيين الوطنيين والمتطوعين العرب النجباء، والذين يعملون تحت مسميات وعناوين التعبئة والتشكيلات العاملة وفقاً لمقتضيات التعامل القتالي التعرضي على قوات الاحتلال الأجنبية المتواجدة، والتي ستتواجد، على أرض العراق، وبغض النظر عن جنسياتها وتسمياتها ومهامها ومدة تواجدها. هذه المقاومة في الوقت الذي تقاتل فيه قوات الاحتلال وما تفرزه أو ترتبط به ومعه هذه القوات، فان من مهامها الأساسية في حربها التحريرية، التداخل الفني والإداري بما يعرقل ويمنع إدارة الاحتلال وما ينشأ عنها من تنفيذ مخططاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. هذه المقاومة عملياتها تغطي أرض العراق الطاهرة من أقصاها لأقصاها مجسدة وحدة التراب العراقي ومؤكدة الوحدة الوطنية العراقية ومدافعة عن عروبة العراق المستهدفة كأحد غايات الاحتلال وما ينشأ عنه.
مقدمــــــــة :
يجب أن يكون فهمنا المقابل في مواجهة الأطراف الأخرى (عربية وإقليمية ودولية) مبنياً على أن استمرارية المواجهة مع الولايات المتحدة منذ قرار وقف إطلاق النار المعلن من قبل الولايات المتحدة في نهاية شباط 1991، كانت هي الأساس، وبخيار أمريكي محكوم بمعطيات وأهداف الستراتيجية الأمريكية تجاه الإقليم أولاً والعالم ثانياً، وعليه فلم تنشأ هناك أزمات متعاقبة بسبب من ردود أفعال العراق تجاه قرارات أو تصرفات مصاحبة لتطبيق القرارات الدولية اللاحقة. فاستمرار المواجهة التي فرضتها الولايات المتحدة هي التي أعطت القيادة العراقية هامش المناورة في التعامل وإدارة سلسلة من الأزمات، والتي كان الظاهر منها وبفعل تصوير التفوق الإعلامي المقابل أزمات يخلفها العراق في مواجهة الإقليم والعالم.
باستثناء التحدي العراقي الفعلي والمستمر لقرار الولايات المتحدة وبريطانيا الخاص بمناطق الحظر الجوي، فإن سلسلة ما يعرف بأزمات الشأن العراقي المتعاقبة، هي محاولة الولايات المتحدة في تعديل أو تطوير أو تحوير أو تفعيل مسار المواجهة التي فرضتها على العراق وفقاً لمعطيات أمريكية مرتبطة بسياستها العامة أو متوافقة مع مصلحة محسوبة للإدارتين الأمريكيتين المتعاقبتين في مواجهة أزماتهما أو تراجعهما أمام ناخبيهما أو العالم الخارجي، ولقد تمثل ذلك بسلسلة القرارات المتعاقبة التي يصدرها مجلس الأمن والتي تجاوزت المطالب المحددة من قرار وقف إطلاق النار إلى التدخل أو التحفيز الأمريكي لاستصدار قرارات أممية تهيئ وتتوافق مع استهداف النظام السياسي في جمهورية العراق.
المواجهة الأمريكية المستهدفة للنظام السياسي في العراق والتي أدت إلى احتلاله هي حالة مشخصة منذ عام 1972، وبنيت على أسس قياسية مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة (الإمبريالية) في ذلك الوقت والذي حكمته تعادلية الحرب الباردة، التداعيات اللاحقة لعدوان حزيران 1967، الانسحاب العسكري البريطاني من شرق السويس »الخليج العربي« وسياسات وأزمات الطاقة في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي.
في المرحلة المعاشة (حالياً) من عمر المواجهة والتي اتخذت الشكل التصادمي منذ بداية العدوان الثلاثيني عام 1991، وأخذت منحى المقاومة الوطنية المسلحة بعد الاحتلال، نجد أن هناك عوامل مضافة تحكم تطور مسار المواجهة تلك، ولكنها لا تخرج عن الأسس القياسية لمصالح الولايات المتحدة في الإقليم والعالم. هذه العوامل المضافة التي شكلتها :
1-النهاية المعروفة للحرب الباردة وإعادة تشكل أوروبا السياسي- الاقتصادي.
2-متطلبات التفرد والقوة الأعظم للولايات المتحدة.
3-الوصول المشبوه لليمين المحافظ للسلطة في أمريكا.
4-أسبقية حصول الضربة في الحادي عشر من أيلول على تبلور وإقرار ملف السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة بوش الابن (المتباطئ) وتشكل ردة الفعل الأمريكية (المجابهة) في مفردات الخطاب السياسي للإدارة على الصعد الاقتصادية والدفاعية والأمنية.
5-التوظيف المكثف »للحرب على الإرهاب« في طرح ومحاولة فرض الصيغ التحالفية والتغيرية على الدول والمجتمعات والثقافات الأخرى.
6-استمرار تباطوء الاقتصاد الأمريكي ودخوله مرحلة الأزمة.
7-فشل سياسات الطاقة المعلنة »انتخابياً« للإدارة الأمريكية.
8-التهيئة لدور »إسرائيلي« مختلف له حدود من التماس الإداري-الأمني المساعد للولايات المتحدة في تعاملها مع منابع النفط من شرق المتوسط وحتى أعماق أسيا الوسطى، وبالذات الخليج العربي، وهذا العامل المضاف المهم له علاقته الجدلية مع تطورات صيغ الحلول السلمية العربية- الصهيونية.
الأهداف المعلنة والأهداف الحقيقية :
بالانتقال للتعامل مباشرة مع الأهداف (المعلنة والحقيقية) وما يؤسس عليها أو يتفرع عنها فأنه يمكن التعرض لما يلي:
1-مع أن حالة استهداف النظام السياسي في العراق حالة مشخصة منذ العام 1972وتبلورت فكرتها لدى مخططي السياسة الستراتيجية الأمريكية، وفي مقدمتهم هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي »الجمهوري« في ذلك الوقت، إلا أن إمكانيات التطبيق الفعلي كانت محكومة/محددة:
-بتعادلية الحرب الباردة.
-وتوزع الاتجاهات والارتباطات والمرجعيات السياسية لدول الإقليم.
-وتداعيات حربي حزيران 1967 وتشرين 1973.
وتطلع أنظمة عربية لدور إقليمي مقبول من الولايات المتحدة ومنبثق من تداعيات الحربين، حيث يشخص هنا طبيعة الأدوار الملعوبة (في ذلك الوقت) من قبل الأنظمة السياسية في سوريا والأردن ومصر وكذلك إيران. ووفقا لما شخص لاحقاً فكان الهدف ضعيف التحقيق يعتمد التآمر الإقليمي من دول الإقليم والتأسيس على موروثات/أزمات العهود السياسية السابقة في العراق. وهنا يجب الملاحظة أن موجبات الاستهداف لم تكن من حيث القياس مختلفة عما هي في الوقت الحالي: الأسباب الأمنية والاقتصادية (أمن وتفوق »إسرائيل« والمصالح النفطية).
2-في كل الحالات التي كان يخطط فيها أمريكياً للمنطقة الممتدة من شمال إفريقيا وحتى أواسط أسيا »مناطق منابع وممرات النفط«، كان العراق أحد الأهداف الأكثر تميزاً في التعامل كوحدة جيو- سياسية واقتصادية، لاعتبارات الموقع والاحتياطات النفطية والتركيبة السكانية وطبيعة النظام السياسي. كل ذلك بالإضافة إلى أدواره الملعوبة والمحتملة ومدى تأثيرها في النظام العربي الرسمي من جهة ومنظومة الدول المصدرة للنفط والتعامل الجماهيري على المستوى القومي.
3-الولايات المتحدة ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت قد ربطت بين أمنى القوس الجغرافي الممتد من المحيط الهادي وحتى الهندي وبحر العرب وكانت ولأسباب عديدة تنفرد بالمهام السياسية والأمنية لوحدها بعيداً عن تدخل أو مشاركة باقي دول الغرب أو منظومة حلف الأطلسي، ولذلك كان التورط العسكري الأمريكي ولأكثر من مرة ظاهرة مشخصة في تلك المنطقة كوريا وفيتنام . هذا المنظور الستراتيجي للولايات المتحدة يستهدف فيما كان يستهدفه إحكام السيطرة وبدرجات متفاوتة حسب الحاجة على الخليج العربي، وهو إذ يضبط مداخل الخليج فأنه لا محالة ولعوامل الجغرافيا والمواصلات إنما يستهدف العراق. إن توجه العراق باتجاه شرق المتوسط أو البحر الأحمر خلال السنوات العشرين الماضية شكل نوعاً من الإفلات الجزئي لكنه محكوم بتأثير الولايات المتحدة من خلال تحالفاتها أو تأثيرها في الدول المجاورة للعراق والمطلة على تلك المنافذ.
4-والولايات المتحدة أيضاً كانت وبفعل موروثات العهد الاستعماري البريطاني وبمنطق التصرف الإمبريالي، وبحسابات التعادلية التي فرضتها الحرب الباردة، تنظر بعين التحسس والريبة للتطورات الجارية في شبه القارة الهندية، بحيث أن تحالفها التاريخي مع الباكستان كان دائماً يحمل في طياته نيّات التآمر على الهند، والتي شكلت علاقاتها المتميزة في ذلك الوقت مع بعض الدول العربية وخاصة العراق، طرفاً مقابلاً في متن المعادلة التآمرية الأمريكية، أسس عليه في ربط المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية الباكستانية مع الأنظمة التابعة في الجزيرة والخليج العربي في مواجهة السياسات المستقلة للعراق ودوره المميز في حركة عدم الانحياز.
5-الفترة الممتدة من أيلول 1980 وحتى أيلول 2001 شكلت تجارباً/حالات هامة لا تخرج أبداً عن موضوع استهداف النظام السياسي في العراق، وبغض النظر عن الأدوات وطبيعة التحالفات والسماح أو التغاضي عن أدوار الآخرين المشاركين في التعرض المباشر وغير المباشر، وفقاً لمصالح متفاوتة، لكنها لا تخرج عما سمحت وتسمح به مقتضيات الستراتيجية الأمريكية تجاه الإقليم في موضوعي الطاقة وأمن »إسرائيل«. وهنا نشير إلى أن حربين قد استهدفا العراق في تلك الفترة، وكانتا تستهدفان نظامه السياسي بشكل معلن وبتبريرات مختلفة، لكنهما انطلقتا من أن هوية وتطبيقات النظام السياسي في العراق غير مقبولة في مواجهة من يتعرض للقومية/للعروبة من منطلقات الدين أو الإمبريالية. وبالتالي كانت الحربين (والمواجهة المستمرة الآن) تركز وتراهن على عوامل التفتيت في النسيج العراقي والعربي. ومن الاعتبارات المستخلصة أن طرفي التعرض على العراق ونظامه السياسي في تلك الحربين قد تحالفا مع دول الجوار العراقي ولأسباب مرتبطة إما بالتبعية التاريخية للغرب أو التطلع للعب أدوار إقليمية تساعد في قبول وإدامة النظام المعني وفقاً للحسابات الدولية الناظمة للإقليم في تلك الحقبة.
إنشاء الاستعراض التاريخي أعلاه، جاء ليؤكد على أن الأهداف المعلنة والحقيقية للولايات المتحدة في مواجهتها المستمرة مع العراق ليست مرتبطة بتطبيقات القرارات الدولية المتتابعة لقرار وقف إطلاق النار في شباط عام 1991، وإنما هي ذات الأهداف منذ شُخِّص استهداف النظام السياسي في العراق 1972. وهي بالتالي أهداف تنطلق وتتناغم مع ستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الإقليم أولاً وستراتيجيتها الكونية ثانياً.
فاتجاه الإقليم: هوية وسياسات وتطبيقات النظام السياسي في العراق تقف وتعمل بالضد من مصالح الولايات المتحدة فيما يخص تأكيد وضمان استمرار أمن وتفوق »إسرائيل«.
وكونيّا: فرفض الهيمنة، وإعطاء الهوية السياسية والتنموية للنفط العراقي، والمواقف المعروفة داخل منظمة الدول المصدرة للنفط، والسياسة الخارجية المستقلة للدولة العراقية، وتأخر عودة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ عام 1967 مع الولايات المتحدة، والتوجه الحثيث لبناء التوازن العلمي والدفاعي مع »إسرائيل« ودول الجوار غير العربية المتربصة أو المتحالفة مع الولايات المتحدة، والدعم الاقتصادي لدول عربية وغيرها، والتأسيس المصلحي المتوازن لعلاقات متكافئة مع دول أوروبية مؤثرة، إنما شكلت عوامل مضادة لستراتيجية الولايات المتحدة الكونية.
وفي كل الأحوال كانت ولازالت مواجهة الولايات المتحدة للعراق من خلال تطبيق أهدافها – ستراتيجيتها الإقليمية والكونية كما بيَّنا أعلاه مندمجة وذات علاقة جدلية فيما بينها، مما يعزز من تلك المواجهة ويفعلها في الكثير من الحالات التي تعتبر فيها المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية الأمريكية مستهدفة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بفعل العراق أو غيره. وهذا الدمج قد تعزز وأصبح أكثر وضوحاً وتجسداً منذ شكل الفعل العراقي في يوم النداء 1990 الخطر المهدد للمصالح الاستعمارية الموروثة منذ اتفاق سايكس-بيكو، الذي حكم (بموجبه وبروحه)، ولا يزال، المشرق العربي حتى اللحظة. ولتوضيح ذلك يمكننا أن نسوق الدلائل التالية :
-قرار التأميم كفعل وطني وقومي تم التعامل معه باعتباره كتهديد للستراتيجية الأمريكية على مستوى الإقليم والعالم.
-المشاركة العراقية غير المتوقعة وغير المحسوبة في حرب تشرين 1973 تم تقييمها والعمل في مواجهة احتمالاتها المستقبلية بنفس الاعتبار أعلاه.
-المبادرات الوطنية في التعامل بالحلول السلمية والديمقراطية للمسألة الكردية.. نفس الاعتبار.
-موقف العراق وتحركه القومي من معاهدة كامب ديفيد الأولى.. نفس الاعتبار.
-سلسلة المبادرات السياسية من إيران والفعل الدفاعي ومسارات الرد العسكري في القادسية.. نفس الاعتبار.
-مبادرات العراق في تفعيل العمل العربي المشترك وإنشاء مجلس التعاون العربي.... نفس الاعتبار.
-وفي ذات السياق وعندما تم التعرض للأمن القومي الأمريكي بفعل ضرب نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من أيلول من طرف غير العراق، فان استهداف النظام السياسي في العراق قد تم تفعيلة والتركيز عليه من قبل القرار الأعلى في الولايات المتحدة، وأصبحت »حربهم على الإرهاب« في سياقاتها السياسية والعسكرية متضمنة »لا بل مركزة« على النظام السياسي في العراق، وأضحت العنوان الرئيسي في تلك الحرب. وأكثر من ذلك وفي خضم انشغال الإدارة الأمريكية في الأسابيع الأولى لضربة نيويورك وواشنطن، وجهت تلك الإدارة رسالة تحذير للقيادة في العراق، وهنا أعمل الدمج المنوه عنه أعلاه، وتأكد صحة ما ذهبنا إليه من موقع العراق وقيادته السياسية في تعاطي الستراتيجية الأمريكية على المستويين الإقليمي والكوني، وذلك لاعتبارات »أمن إسرائيل«- إقليمياً- والهيمنة على النفط – كونياً-.
ونضيف.. مع تركيز الولايات المتحدة على مسألة أسلحة التدمير الشامل، وهو الذريعة التي تمسكت بها الولايات المتحدة في مواجهاتها وحربها على العراق وقيادته السياسية.... فإن تعاطيها الجاري الآن مع التحدي الكوري الشمالي (علي سبيل المقارنة) في الموضوع النووي والصاروخي (ورغم تصنيف كوريا الشمالية في »محور الشر« مع العراق وإيران) في حينه، ومع أن التهديد الكوري بفعل الجغرافيا والقدرات العسكرية، هو تهديد حقيقي لأمن الولايات المتحدة: مدن الولايات المتحدة الغربية، وقواتها في كوريا الجنوبية وحلفائها في شرق أسيا.. هذا التعاطي الأمريكي لا يستجيب لمستوى التحدي والتهديد من الطرف المقابل. فالمقارنة بين حالتي العراق وكوريا الشمالية تفضي إلى مفارقات وهي بحد ذاتها تأكيدات على أن :
-أمن »إسرائيل« أهم للولايات المتحدة من أمن كوريا الجنوبية.
-العراق العربي »المحاصر« في حينه وقدراته النفطية »المقيدة« أخطر على أمن الولايات المتحدة وحلفائها من كوريا الشمالية ذات العوّز النفطي والقدرات النووية والصاروخية الماثلة.
-دول الجوار العراقي طلب منها وفرض عليها المشاركة وتقديم التسهيلات للعدوان العسكري الأمريكي، ودول الجوار الكوري تعطى حرية الحركة، انطلاقاً من مصالحها الإقليمية، في التوسط السلمي مع كوريا الشمالية.
إن للمفارقات/التأكيدات الواردة أعلاه، ما يتطلبها في البناء الستراتيجي للولايات المتحدة، وما يؤسس عليها من تقييم للمصالح في سياقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وتبرير لصراعاتها في تقابلها الجغرافي، القومي والثقافي-الحضاري.
مع التأكيد على أن إدارة وقيادة المقاومة لطرد الاحتلال وتحرير العراق إنما هي استمرار نوعي في إدارة المواجهة، وأن الحالة الموصوفة بقياساتها وأبعادها هي بالضرورة مواجهة تاريخية لا زالت مستمرة، فأنه ولأغراض التحليل واستظهار العوامل الناظمة واستشراف الأبعاد المستقبلية لتأكيد ما ذهنا ونذهب إليه، لابد من أن نسوق ما يلي :
1-الأزمة في طبيعتها الموصوفة منذ آب 1990 ترجع إلى موروثات العهد الاستعماري البريطاني للعراق وما أسس عليه منذ اتفاقية سايكس-بيكو في العام 1917. فهي الوقت الذي كانت فيه إعمال استعماري معادي للوطنية العراقية وانتقاص من سيادة العراق الإقليمية، كانت أيضاً ومن حيث الأساس، تستهدف وتؤسس على المدى البعيد، بالضد من الأمن والمصالح القومية العربية في المشرق العربي كله.
2-وهي بالضرورة أيضاً وانطلاقاً من الفقرة (1) أعلاه، قد ربطت خلق الوضع (الأزمة) تاريخياً واستمرارها وتصعيدها مستقبلاً، في إنشاء واستمرار »الكيان الصهيوني« على أرض فلسطين.
3-وهي بالضرورة، أي الأزمة، تخبو أو تشب، مع كبوة أو نهوض الوطنية العراقية، وتأثير ذلك وتفاعله مع المحيط القومي العربي للعراق.
4-وهي أخيراً، وتأسيساً على الفهم الاستعماري والإمبريالي، أداة يمكن الرجوع إليها وتحريكها وفقا لما تقتضيه المصلحة ضمن مسار تطبيقات الستراتيجية الأمريكية (حالياً) في الإقليم والعالم، ويمكن لها أيضاً أن تفبرك حتى في خدمة أغراض الإدارة الأمريكية الضيقة وفقاً لمصالح داخلية أو انتخابية.
فالمواجهة تاريخية.. وإن كانت حاضرة الآن أو في وقت أسبق أو في المستقبل.. فهي من حيث المدى الزمني مواجهة مستمرة.
والمواجهة في إدارتها المتقابلة بين طرفيها عبر مداها الزمني، وبفعل منشأها وتركيبتها، كانت تحكم نتائجها بمستوى الطرف العراقي المقابل.. وهي منذ آب 1990 خصوصاً، وقبل ذلك التاريخ بعشرين عاماً، إنما كانت مستمرة وغير قطعية النتائج.. فأضحت في عرف الإمبريالية الأمريكية مواجهة العصر.. وحتمت (من خلال مسارات ومحطات المواجهة وتمترس الإدارات الأمريكية المتتالية منذ آب 1990 في خنادقها المقابلة) خيار أو فرض الاصطفاف على الآخرين من دول الإقليم والعالم، في مواجهة مرتبطة بسياسات ومصالح الولايات المتحدة، وتقودها وتديرها الولايات المتحدة.. ومن خلال كل ذلك تتعرض وفي كثير من الأحيان بالضد على مصالح الآخرين المصطفين معها.. فهي من حيث الإدارة والمحتوى والاستهداف، مواجهة كونية، اقتضت وتقتضي تحالفاً مقابلاً للعراق تفرضه الولايات المتحدة ترغيباً أو ترهيباً.
والمواجهة أيضاً ومن خلال توخي الولايات المتحدة المستمر لمصلحة طرف إقليمي وحيد في المنطقة »الكيان الصهيوني«، كان خلق الأزمة تاريخياً مرتبطاً بالتحضير لخلقه اصطناعياً، وتمكينه قسراً من الاستمرار والتفوق، في مواجهة الأمة العربية كلها.. وهي (أي الولايات المتحدة) في انغماسها وإدارتها للمواجهة تراعي فقط أمنه واستقرار كيانه.. إنما تؤكد حقيقة قومية المواجهة.
استمرارية المواجهة واستمرارية المقاومة:
بما أنه ثبت أن الاستهداف الستراتيجي في المواجهة أمريكياً هو (إسقاط النظام السياسي في جمهورية العراق) والذي كان لا يتحقق إلا من خلال :
1-استمرار وتصعيد وتفعيل المواجهة السياسية.
2-إحباط كل محاولات القيادة السياسية العراقية برفع الحصار.
3-تقييد التحرك العراقي السياسي والاقتصادي تجاه دول الإقليم والعالم.
4-إعادة ترتيب وتمكين الاصطفاف الرسمي العربي »ما أمكن« ضمن مسار الفعل الأمريكي لإسقاط النظام السياسي في العراق، والذي ثبت نجاح الولايات المتحدة فيه، وموافقة العديد من الأنظمة العربية عليه دون تجرؤهم من الحديث عما هو حاصل للعراق ولهم وللمنطقة بعد ذلك.
5-محاولة الربط المباشر للاستهداف الستراتيجي بمشروعية الذرائع، والشروع بالفعل العسكري العدواني بقيادة الولايات المتحدة، وضمان قيادتها لهذا الفعل وتحديدها منفردة لمداياته العسكرية، والتحكم بنتائجه المحسومة قياسياً بفعل تفوق الحجم والنوع العسكري الأمريكي المشارك في الحرب، بحيث يمكنها ذلك من أن تفرض بالتالي طبيعة المحصلة السياسية للفعل العسكري والتي »تمكنها افتراضاً« من موائمة السياقات اللاحقة للمحصلة السياسية بما يخدم هدفها الستراتيجي من احتلال العراق على صعيد تطبيق استراتيجيتها الإقليمية والكونية.
لقد شخَّصت القيادة السياسية العراقية في حينه وقبل العدوان الحالات والاحتمالات التالية :
-إن المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية لن تبقى سياسية، بفعل المبادرة ونوعية الأداء السياسي العراقي المقابل في هذه المواجهة، والذي تمثل بالنجاح العراقي بإحداث التباعد الموضوعي بين مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا (الذيلية)، وباقي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وكان ذلك التشخيص بتعزز على قاعدة فهم أن استهداف النظام السياسي في العراق »مبدأ معلن« ومتفق مع المنظور الستراتيجي لسياسة الولايات المتحدة في الإقليم، ليس في الوقت الحالي بل أسبق منه، وأن تطورات المواجهة لن تكون محكومة بالفعل العراقي المقابل والساعي لتجنب تصعيدها.
إن احتمالات المساومة Compromise مع الولايات المتحدة بشكل عام وبغض النظر عن طبيعة الإدارة في البيت الأبيض، هي احتمالات شبه معدومة، وتحققها مرتبط بتبدل الجغرافيا-السياسية في المنطقة والتي رسمت منذ 1917 بحيث أدت إلى الخلق الجغرافي السياسي الحالي للمشرق العربي المرتبط بالخلق القسري للكيان الصهيوني، والمحدد بدوره لمديات: الدور السياسي –الاجتماعي، والسياسي –الاقتصادي، والسياسي –الأمني لكل وحدة جغرافية- سياسية، بحيث ثبت أو تبدل التعامل السياسي معه وفقاً للتغيرات الداخلية الحاصلة على ما رتب فيه وله أصلاً. لقد ورثت الولايات المتحدة (الإمبريالية) عن بريطانيا (الاستعمارية) ومن ثم طورت وفعلت حق الإملاء على مكونات الإقليم الجغرافية-السياسية، ووظفت وبأشكال مختلفة وتطبيقات مستنبطة هذا الحق في خدمة أهدافها الستراتيجية في الإقليم والعالم بما يخدم أمن وتفوق »إسرائيل« والهيمنة والتحكم بالنفط وسياسات الطاقة.
إن العجز الرسمي العربي في أحسن الحالات، والتبعية والتآمر في أسوأ الحالات، لم ولن يخدم إمكانية تطوير المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة وإيصالها إلى مرحلة المساومة. وكان فوق كل ذلك التمسك الرسمي العربي العاجز والمجتزأ بتطبيق الشرعية الدولية منفذاً لوقف أو إلغاء المساومة السياسية مع الولايات المتحدة.
وكذلك فإن الشروع باستنفاذ أدوار أنظمة عربية رئيسية في الخليج سواء بعد التواجد أو الاحتلال العسكري الأمريكي اللاحق لعدوان 1991، أو بعد 11 أيلول 2001 وما تبعه من بروز الدور الإيراني بتكوينه »الإسلامي الخاص« الموظف بما ينسجم والدور المنشود لإيران في المستقبل، على حساب الدور السعودي المستنفذ سياسياً وإسلامياً، بعد اندحار الشيوعية واستنفاذ توظيف الإسلام »التبعي والمستسلم« بحيث أدى ذلك بروز الإسلام »الرافض والمقاوم« من رحم الإسلام التبعي والمستسلم وبما يتعارض مع كينونة وتوجهات النظام السعودي... وكان لإيران ما كان لها، ويمكن أن يكون في المستقبل، من خلال »موقفها الحالي« من الإسلام الرافض والمقاوم لتداعيات الحرب العدوانية الأمريكية في أفغانستان والعراق جارتا إيران.
لقد دبرت الولايات المتحدة بروز أدوار الصغار في منظومة الخليج العربي والنظام الرسمي العربي في أماكن أخرى من الوطن العربي، بحيث أن لعب الأدوار أصبح مرتبطاً بالتبعية التلقائية من أجل ضمان دور النظام المعني أو تجديده أو تطويره لأجل البقاء أو توريث الحكم حتى في الأنظمة غير الملكية. لقد استطاعت أنظمة الدول الصغيرة من لعب أدوار مؤثرة على حساب أنظمة الدول العربية الكبيرة، وكان يتحقق لها ذلك من خلال تطبيعها مع العدو الصهيوني واصطفاف أنظمتها وتسهيلها ومساندتها للولايات المتحدة في حربها واحتلالها للعراق، ومن ثم (كما يحدث الآن) فرضها بقبول واقع الاحتلال وإفرازاته الباطلة على النظام الرسمي العربي.
لقد شخصت القيادة السياسية في العراق أيضاً، ومنذ فترة طويلة أعقبت عودة العلاقات الطبيعية مع مصر في منتصف الثمانينات، عمق الأزمة الموروثة في النظام المصري الحالي من عهد السادات، وعدم تمكن أو رغبة هذا النظام من تجاوزها، وارتهانه الساكن لمنطلقاتها، بما يحيّد من ميزات وإمكانيات مصر القطرية والعربية والإقليمية. لقد تجلى ذلك في التردد والخوف والعوق السياسي لدور النظام المصري ومبادراته في »مجلس التعاون العربي« في حينه، وتحسسه وخوفه في آن واحد من النظام السعودي وتحسبه من أدوار العرب الآخرين، فرادى أو محاور، رغم أرجحية مصر السكانية والتاريخية والسياسية والثقافية والعسكرية في النظام العربي.
في الوقت الذي أعملت فيه القيادة السياسية في العراق مبدأ الترابط القومي والموضوعي للصراع العربي الصهيوني المتمثل »حصراً« بنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، مع نضال الشعب العراقي لفك الحصار، كانت الولايات المتحدة تروج لمبدأ الحل المسموح به للقضية الفلسطينية من خلال قبول أنظمة عربية بمشروعية الذرائع بإسقاط النظام السياسي في العراق كمدخل لازم لحل القضية الفلسطينية وذلك تحت غطاء الشرعية الدولية بتطبيق قرارات مجلس الأمن؟؟!!
لقد حددت ذات القرارات نزع أسلحة التدمير الشامل العراقية كخطوة لنزع ذات الأسلحة من إقليم الشرق الأوسط بمجمله، والمحصلة أن العراق كان صادقاً ولم تكن هناك أسلحة تدمير شامل، وعليه فمن سيطالب من الأنظمة العربية الآن بتطبيق الفقرة 14 من القرار 768؟.
الحالات والاحتمالات المشخصة أعلاه جاءت في مجال تأكيد الفهم الستراتيجي للقيادة السياسية العراقية باستمرارية المواجهة أولاً وحتمية العدوان غير المشرع دولياً ثانياً، وتواطؤ أنظمة عربية ثالثاً، وتفوق العدو العسكري رابعاً، والتمهل والانتهازية لبعض دول الإقليم الأجنبية خامساً، وإعطاء الكيان الصهيوني أدواراً أمنية وإدارية وسياسية بفعل العدوان والاحتلال وتداعياته سادساً، وتهديد واستنفاذ أدوار أنظمة عربية معينة سابعاً، وتحفيز عوامل التفتيت والتجزئة في العراق ثامناً، وارتهان القرار السياسي للمعارضة العراقية العميلة بخطط الاحتلال والمصالح المذهبية والعرقية والفئوية الضيقة تاسعاً …. والتهيئة وتبني خط المقاومة المسلحة وتطويرها لحرب تحرير وطنية تمتلك منهاجها السياسي والستراتيجي على الصعيد القطري والقومي عاشراً. وعليه يكون هدف المقاومة العراقية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث العربي الاشتراكي كحركة تحرير وطنية »طرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين«.
خيارات المقاومة :
تبني وتطور المقاومة العراقية خياراتها انطلاقاً من :
(1) حسها الوطني وعراقة انتمائها للعراق الأسبق حضارة.
(2) وانتمائها القومي العربي.
(3) ومعينها الحضاري الإسلامي.
(4) وممارساتها الجهادية والنضالية المتراكمة.
(5) وفهمها لطبيعة المواجهة المستمرة ومتطلباتها.
(6) وتطبيقاتها الثورية المستنبطة من واقع عملها النضالي.
(7) واسترشادها بفكر البعث ورسالته.
(8) وتحليلها ومراجعاتها وتقييمها لمراحل الإنجاز وصفحات المنازلة في مقاومة الاحتلال.
(9) ورصدها وتشخيصها لأدوار العملاء والمتعاونين مع الاحتلال في الداخل.
(10) ومتابعة وتوصيف أدوار الأنظمة العربية سواء في مرحلة ما قبل الاحتلال وما بعده.
(11) وكشف مداخلات دول الجوار الأجنبية وترتيبات تعاونها مع الاحتلال بما يخدم مصالحها الوطنية على حساب مصلحة العراق ووحدته الوطنية.
(12) وكشف وتحديد انتهازية المصالح الاقتصادية للغير في ظل الاحتلال
(13) وتأشير الدور المعطى »للكيان الصهيوني« وتطورات هذا الدور في ظل الاحتلال وتعاون أنظمة عربية و/ أو تلاقي مصالح قوى إقليمية أخرى.
وعليه.. فالمقاومة العراقية كحركة تحرير وطنية تؤمن:
1-باستمرارية المقاومة طالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من أرض العراق وبغض النظر عن القرارات الأممية اللاحقة للاحتلال.
2-بشرعية المقاومة وحقها في العمل العسكري وغيره وبالتعرض القتالي على قوات الاحتلال أفراداً ومعدات وتجمعات ومنشئات ومعسكرات ومقرات وهيئات وإدارات وخطوط إمداد ومرافق خدمات ومساندة ومباني محتلة ومراكز أمن مساعدة وغيرها.
3-بشرعية وواجب التعامل القتالي أيضاً مع المتعاملين والعملاء أفراداً وأحزاباً وهيئات وغيرها من العناوين والمسميات.
4-منع وعرقلة جهد الاحتلال من التصرف والتمكن والاستغلال، كيفما كان شكله، لثروات ومرافق وممتلكات العراق، وبالطرق والصيغ التي تقتضيها متطلبات تحقيق الهدف عسكرية أو إدارية أو فنية.
5-بتعميم المقاومة المسلحة على أرض العراق كلها وبفعل ومشاركة العراقيين كلهم، والتأكيد على واجبهم وحقهم المتكافئين في المقاومة وتحرير العراق تحت أي عنوان أو مسمى.
6-بالعمل على تحقيق تشكيل جيش تحرير العراق كتطوير في عمل المقاومة لتحرير العراق.
7-بانعدام احتمالات الدعم من قبل الأنظمة العربية كلها ولأسباب مرتبطة بطبيعة النظام الرسمي العربي بمجمله، وبطبيعة وأدوار أنظمة عربية بعينها، لا سيما المحيطة بالعراق العميلة والمستنفذة والطامحة للعب أو تجديد أدوار ترسمها لها الولايات المتحدة بموافقة »الكيان الصهيوني« وبما يخدم المنظور الستراتيجي للولايات المتحدة في الإقليم.
8-بواجب وحق الجماهير العربية في الانخراط بالمقاومة العراقية المسلحة على قاعدة المسؤولية والحق القوميين وغير المتعارضة مع مسؤولية وحق العراقيين المؤسس على قاعدة الوطنية العراقية.
في المرحلة المعاشة الآن من نضال المقاومة العراقية وجهادها، وما سيكون الوضع عليه لاحقاً في ضؤ تطور المنازلة في صفحاتها اللاحقة، يكون العمل المقاوم منسجماً مع الهدف النهائي، وأخذاً بعين الاعتبار تحقيق أهداف تكتيكية متناغمة ومرحلة المأزق السياسي والأخلاقي التي تعيشها الإدارة الأمريكية وحليفتها البريطانية، بفعل انفضاح الذرائعية غير المشروعة لشن الحرب واحتلال العراق. فالأهداف التكتيكية للمقاومة ستعمل لترجيح الهدف الستراتيجي المتمثل بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين. وهي،أي المقاومة، بفعلها المسلح والتعرضي تدخل لاعباً مؤثراً في تعميق المأزق السياسي بفعل الاستحقاقات الانتخابية للرئاسة الأمريكية والانتخابات العامة البريطانية، بحيث تسقط الادعاءات الزائفة والبرامج السياسية التي روجت وخططت لها دوائر القرار في واشنطن ولندن، لتؤكد للناخبين في الولايات المتحدة وبريطانيا والرأي العام العالمي :
-زيف الأهداف المعلنة للحرب وعدم مشروعية الذرائع واستهداف إسقاط النظام السياسي في العراق واحتلاله.
-استحالة تطبيق برامج الاحتلال السياسية والاقتصادية والأمنية والأخرى على أرض العراق، وبالتالي عدمية تعميمها في الإقليم والعالم، وحصرها وردها فقط للطبيعة الإمبريالية العدوانية ومخططاتها التآمرية على العراق والأمة العربية، والتي حتمت في خضم التفرد بالقوة الطاغية واختلال التوازن الدولي، ممارسة العدوان والاحتلال كنموذج مرتبط بحالة التفرد بالقوة من قبل الولايات المتحدة.
-تعطيل الأدوار المحتملة لأنظمة عربية متآمرة انطلاقا من مطلبيتها بالتعامل مع واقع الاحتلال وإفرازاته، وحرق أصابع تلك الأنظمة في تعاملها المخطط والمحتمل مع الشأن العراقي، وعكس ذلك على أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية المعاشة.
-تأزيم الإقليم ومفرداته ومنع تحقيق مصالح الأخريين المجاورين على حساب العراق ووحدته الوطنية، وتعظيم تكلفة مساندتهم للعدوان وتعاملهم مع إفرازاته الداخلية في العراق المستهدفة تفتيت الوحدة الوطنية العراقية على حساب مصالح عرقية ومذهبية وجهوية وفئوية مرتهنة للاحتلال ومرتبطة بوجوده.
وانطلاقا من المنهاج السياسي والستراتيجي تستمر المقاومة الباسلة وتعمم وتخوض صفحات المنازلة ضمن المواجهة المستمرة وتعبر مراحل حرب التحرير الوطنية وتعطي النموذج المنتصر كما فعلت شعوب أخرى في أوقات مختلفة من عمر الإنسانية في صراعها مع قوى الشر والعدوان والاحتلال.
عاش العراق حراً وليهزم الاحتلال..
عاشت المقاومة العراقية الباسلة..
عاش مناضلو البعث وعاش الرفيق الأمين العام أمين سر قطر العراق..
المجد والخلود لشهداء العراق الأكرمين..
والله اكبر..الله أكبرالعراق في التاسع من أيلول 2003م
الملحق الرقم (5)
بيان حزب البعث العربي الاشتراكي – قطر العراق
14/ 10/ 2003م: القدس العربي:
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وحدة-حرية- اشتراكية
أيها العراقيون الأباة،
يا جماهير الأمة العربية المجيدة،
أصدر حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يقود ويدير المقاومة العراقية الباسلة »المنهاج السياسي والستراتيجي للمقاومة« في التاسع من أيلول المنصرم، وحدَّد الهدف الستراتيجي المتمثل بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين. وتوالي الأيام وتطور الأحداث على امتداد الساحة العراقية والإقليمية والدولية، تثبت وتؤكد على حقائق تصنعها المقاومة الباسلة من خلال فعلها التعرضي القتالي، وامتداد وتصلب مشروعها الجماهيري المستجيب والمتفاعل مع هدف المقاومة الستراتيجي، بحيث تعطل سياسات وبرامج الاحتلال وعملائه وصنائعه في الداخل، وتفضح تطلعات المتواطئين معه على المستوى الإقليمي، وبالتالي فالمقاومة إنما تجعل من الأجندة السياسية الكونية للاحتلال تلامس عدمية التطبيق. كل ذلك تصنعه المقاومة الباسلة من خلال استمرار وتصعيد عملياتها العسكرية والفنية والإدارية وما تلحقه من خسائر في قوات الاحتلال والمتعاونين معه. وفي هذا السياق فأنه لابد من التعرض للحقائق والتطورات التالية:
أولاً: على صعيد الساحة العراقية :
لا بد من أن توصف الساحة العراقية الآن بأنها ساحة مقاومة وطنية للاحتلال، تفرز الوطني من غيره، سواء كان فرداً أو حزباً أو صحيفة أو هيئة أو مرجعية دينية أو عشائرية. فالاحتلال وذرائعه وممارساته وبرامجه وسياساته أصبحت مرفوضة ومشكوكاً بها حتى في دول الاحتلال ذاتها، وبين صناع القرار ورجال الإعلام، والرأي العام على امتداد العالم بأسره. فالتوصيف والمسميات والعناوين في العراق قسمان وليس بينهما من التقاء: وطني رافض ومقاوم للاحتلال »وهم الأغلبية«، أو خائن للعراق ومتعاون وعميل للمحتل »وهم الأقلية«، وهذا أرث أنساني على امتداد التاريخ وعند كل احتلال. فإذا كانت المقاومة، ومنذ بدء تصديها للاحتلال، قد حددت المحتل وحددت المستهدف في تعاملها القتالي وغيره، بما في ذلك العملاء، فإن التحديد والتعريف المفصل الذي ورد في مستهل المنهاج السياسي والستراتيجي للمقاومة قد أصبح نبراساً في تطبيق فعاليات المقاومة واستهدافها اليومي للاحتلال، بحيث انعكس ذلك على تنوع الأهداف والمستهدفين تحت مسمى الاحتلال وإفرازاته. وهنا لا بدَّ من أن نؤشر إلى الحالات التالية:
-تعاملت المقاومة مع قوات الاحتلال واستهدفتها وبغض النظر عن جنسياتها وتوقيتات تواجدها على الأرض العراقية أثناء أو بعد العدوان.
-وستتعامل المقاومة قتالياً مستهدفة أية قوات أخرى تدخل العراق سواء وفق ترتيبات تحالفية مع الولايات المتحدة أو بفعل قرارات أممية لاحقة وبغض النظر عن تسميات ومهام تلك القوات.
-والمقاومة تعاملت و ستتعامل قتالياً أيضاً وتستهدف أية »قوات عراقية« مشكلة بقرار من المحتل، سواء لتحل محل القوات العراقية المسلحة أو أجهزة الأمن العراقية الشرعية، لتعمل كدرع لحماية المحتل وقفازاً قذراً لتنفيذ جرائمه.
-والمقاومة تعاملت وستتعامل قتالياً وتستهدف الخونة والعملاء المتواجدين على أرض العراق بفعل الاحتلال ولخدمته، سواء من كان منهم في المجالس والإدارات والهيئات والوزارات التي شكلها الاحتلال، أو من يمارس أدواراً أخرى مرتبطة بواقع الاحتلال أو بالتوافق معه. فشراذم ما سمي بالمعارضة التي سهلت للمحتل غزو العراق وتهيئ له الآن سبل إدامة الاحتلال وتنفيذ سياساته، ستبقى أهدافاً مشروعة للمقاومة في شخوصها ومقراتها وصيغ تواجدها الأخرى.
-والمقاومة أيضاً ستتعامل وفق منظور خاص بها مع كل الهيئات والبعثات الأجنبية التي تتواجد على أرض العراق بفعل الاحتلال، وهي في هذا البيان لتطلب منها مثلما فعلت وأمهلت سابقاً بإخلاء مقارها و مغادرة أرض العراق دونما تأخير.
-والمقاومة التي نجحت في العديد من الحالات في منع أو تعطيل الاحتلال وإداراته من استغلال مرافق وممتلكات العراق وثرواته الوطنية، سوف تستمر بذلك بالصيغ العسكرية والفنية والإدارية وغيرها، وهي سوف تستهدف ذلك على امتداد ارض العراق من شماله لجنوبه. وعلى الجميع أن يعرف أن هذا الاستهداف إنما هو استهداف مشروع للمقاومة الوطنية المسلحة. فالاحتلال أتى مستهدفاً في المقام الأول ثروات العراق وفي مقدمتها النفط.
-والمقاومة، التي تستمر في المواجهة العسكرية مع الاحتلال، والتي هي امتداد لمواجهة متعددة الأوجه خاضتها القيادة السياسية العراقية قبل العدوان والاحتلال بعقود، فأنها تثبت عدم شرعية ما انبثق عن الاحتلال من صيغ سياسية و إدارية وتشريعية وقضائية ودبلوماسية وغيرها، وهي تعمل على عدم تمكين هذه الصيغ من العمل والتعامل مع الآخرين في العراق والخارج.
إن ما استعرض أعلاه قد جاء ممثلاً لحقائق على الأرض، وكانت البيانات السابقة والمتتالية لجهاز الإعلام السياسي والنشر ابتداء من البيان الأول في 10 حزيران 2003م. قد تعرضت محذرة في حينه باسم المقاومة لكل ما استعرض أعلاه، وكانت رسائل وأحاديث الرفيق الأمين العام أمين سر قطر العراق توجِّه وتفعِّل سير المقاومة و تؤسس و تعضد من التفاف وإسناد جماهير الشعب العراقي لها، والتي توجت في الآونة الأخيرة بتظاهرات التحدي وكتابة الشعارات والنداءات الرافضة والمقاومة على الجدران.
ثانيا ً: على صعيد الساحة الإقليمية :
1-بفعل تداعيات التآمر السابقة والمصاحبة للعدوان من قبل أطراف إقليمية (عربية) محيطة بالعراق، سواء بفعل التبعية الموروثة، أو الأدوار الملعوبة بسبب من الضعف، أو لتوافق مصلحي لتأمين أمن أو استمرار وتجديد أدوار أنظمة بعينها، فإن الساحة الإقليمية تشهد الآن تعامل تلك الأطراف مع واقع أحادي الجانب في الساحة العراقية، وهو الاحتلال وإفرازاته. وبالتالي فواقع المقاومة المعاش والذي يشكل الآن الصيغة و الفعل الشرعيين الوحيدين في العراق لا يتم التعامل معه أو أخذه بعين الاعتبار في كل المواقف والتحركات الرسمية الإقليمية (العربية). وفي هذا السياق فأننا نؤشر الحالات والحقائق والاتجاهات التالية:
-بادرت الأطراف المتآمرة والمساعدة في فعاليات العدوان والمحيطة بالعراق بطرح سياسية التعامل مع الأمر الواقع (الاحتلال وإفرازاته)، وعملت على تعميم مثل هذا التعامل على الأطراف العربية الأخرى من خلال تمريراتها في مجلس الجامعة العربية.
وهذه الأطراف بعينها سمح لها بهامش من المناورة المحسوبة من خلال تواجد شخوص في مجلس الحكم ارتبطوا قبل العدوان (ولا زالوا) نفعاً ووظائفياً بحكومات ومؤسسات أمن تلك الأطراف.
وأيضا هذه الأطراف هي الأطراف غير المشبوهة أمريكيا في موقفها من »محاربة الإرهاب«، وتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني، وهي كذلك بفعل الترتيب الاستعماري السابق، تواجد الاستعمار البريطاني على أراضيها، وساهمت بريطانيا ولازالت في حماية أنظمة الحكم فيها.
2-وتأسيسا على استعراض الحالات والحقائق في التسلسل أعلاه، يمكننا استقراء الاتجاهات التالية:
الأطراف العربية المشار أليها أعلاه سوف تبني على اعتراف إيران »بمجلس الحكم« المعين من الاحتلال وتعاملها معه سابقة تستوجب بالأحرى اعتراف الحكومات العربية به وبالضرورة العملية تعاملها معه.
وبالتالي فإن مسألة شرعنة الاحتلال عربياً قد يسبق تحققها بصيغة من الصيغ تحقيقها دولياً، لاسيما وأن ما تطرحه الولايات المتحدة على مجلس الأمن لا زال غير مقبول من أعضائه الدائمين وغيرهم والمعارضين للحرب في الأساس.
ومع قرار دخول قوات تركية للعراق بالاتفاق مع الاحتلال الأمريكي، يكون مبدأ مشاركة قوات عربية »تحت مسميات مختلفة« مبدأ قابلاً للنقاش وغير مثير للحساسية و الجدل مع الطرف العراقي الذي ارتضت أو أرغمت الأطراف العربية بالتعامل معه، لاسيما وأن هذا الطرف العراقي »مجلس الحكم« ليس له رأي في دخول القوات التركية عندما قرر الاحتلال ذلك.
وإذا كانت هذه الأطراف العربية متحالفة مع الولايات المتحدة في »حربها على الإرهاب« أو متهيبة من الأخذ بالشبهة كما هو حال البعض الآخر، فأن خطأها المميت بالتعامل مع »الأمر الواقع غير الشرعي« في العراق، وتجاوز الواقع الشرعي الوحيد »المقاومة العراقية«، سيقودها إلى القبول بأدوار أمنية وقتالية ترسمها قيادات الاحتلال السياسية والعسكرية في مواجهتها الدامية مع المقاومة الوطنية العراقية المسلحة، والتي يصفها الاحتلال وعملائه بالإرهاب، وتاريخ العراق الحديث قد شهد بدايات مثل تلك الحالة في ثورة رشيد عالي الكيلاني أيام الاحتلال البريطاني.
ومع استقراء الاتجاهات الإقليمية في التسلسل أعلاه، فإن المقاومة تأخذ بعين الاعتبار وتتحسب للتوقعات والاحتمالات أدناه :
-إن المبادرتين الإيرانية (بالاعتراف والتعامل مع مجلس الحكم العميل) والتركية (بالموافقة على مشاركة القوات العسكرية التركية مع قوات الاحتلال الأخرى) إنما تؤسسان لقاعدة تعامل متقابلة مبنية على أسس التشكيل والبناء الطائفي والعرقي لمجلس الحكم العميل والوزارات والهيئات المنبثقة عنه بأمر الاحتلال؛ وبالتالي ستكون طوائف وعرقيات أخرى (وفقا لمخطط المحتل) بحاجة إلى مبادرات مشابهة (مفترضة) من إطراف إقليمية أخرى. وهنا تؤكد المقاومة الوطنية العراقية المسلحة على أن تلك المبادرات ستعامل على أنها تطبيقات معادية ومرتبطة عضوياً بواقع الاحتلال… في مثل هذه الحالة لا بدَّ من العودة إلى الوراء والتأكيد على الحقائق التالية، التي رسخها الحكم الوطني وقيادته السياسية باسترشاد فكر البعث وصيغه وتطبيقاته الناجحة في بناء الوطنية العراقية الغنية بتعددها القومي والمذهبي:
-جمهورية العراق ودستورها المؤقت ومشروع دستورها الدائم وكل القوانين النافذة كانت في الوقت الذي شكلت فيه تحصيننا للوطنية العراقية، قد أعطت الحقوق المتصلة للقوميات الأخرى وفي صيغ وتوقيتات غير مسبوقة لتلك القوميات في أماكن تواجدها الأخرى.
-ومثلما تم ذلك التحصين للوطنية العراقية، كان انتماء العراق العربي وسياساته القومية الفاعلة والمبادرة، معززة لوطنيته ودوره القومي والإقليمي في آن معاً، وكانت مؤامرات التعرض لدوره القومي إنما تتم من خلال التعرض لوحدته الوطنية والعكس صحيح، حيث إن مؤامرات التعرض على وحدته الوطنية كانت تتم من خلال التأثير على دوره القومي والإقليمي.
3-إن مشاركة القوات العسكرية التركية لقوات الاحتلال الأخرى بدخولها العراق بطلب وموافقة الولايات المتحدة سوف يعزز من حالة التأسيس على التقسيمات العرقية و المذهبية المعاشة في مجلس الحكم وما ينبثق عنه، وبالتالي فإن ذلك سيكون خطوة متقدمة في تعميق توجهات التقسيم (المستترة والمرغوبة) لدى البعض. فالتمثيل الكردي المنبثق عن الاحتلال في مجلس الحكم بدأ يشعر بضعف موقفه والالتفاف عليه بعدما استخف بهواجسه وتنكر لأدواره الملعوبة في صالح العدوان والاحتلال على امتداد السنوات العشر الأخيرة، وهذه مرة أخرى يخسر فيها الكرد العراقيين تاريخهم وتطلعاتهم بسبب من ارتهان قياداتهم السياسية للأجنبي وتفريط تلك القيادات بمكتسبات الكرد التي استحقوها في وطنهم العراق.
إن التوافق بين »شراذم المعارضة العميلة« قبل العدوان والاحتلال على صيغة (الفدرالية) والذي يخضع الآن لامتحان عملي، سواء في التصارع الذي يشهده تكوين وعمل »مجلس الحكم العميل«، أو الهواجس والتخوفات التي يعبر عنها العديد من الأطراف العراقية والإقليمية (وخاصة العربية منها) في استقراء اتجاهات التقسيم المحتملة على قاعدة التنوع القومي والمذهبي، والتي تشكل لهم مبرراً لصيغة (الفدرالية) التي تحمل في ثنياها بذور التفتيت والتقسيم، كحل واقعي في مرحلة متقدمة من عمر الاحتلال المتعثر أو إفرازاته اللاحقة. كما هو واضح فان موقف العديد من الأطراف المتعاونة مع الاحتلال مبني على أساس فدرالية ديموغرافة وهذا مدخل لا بدَّ وأن يقود إلى التقسيم والتفتيت على حساب الوطن التاريخي الواحد وموارده وثرواته الحالية والمستقبلية. من هنا فأننا نحذر من الانزلاق الخطير و/أو التآمر الواعي لدى أنظمة عربية بعينها تبنت وتتبنى سياسة التعامل مع الأمر الواقع في العراق المحتل، في الوقت الذي لا تملك فيه مثل هذه الأنظمة غير سوء تقديرها أو تآمرها في مواجهة النظام العربي القومي العاجز.
إن التعامل العربي الرسمي الأحادي الجانب مع الطرف العراقي غير الشرعي والتجاهل التام للطرف الشرعي الوطني المقاوم، إنما سيرتد سلباً على الطرف الرسمي العربي ومجمل النظام العربي، بما في ذلك الاستقرار في المشرق العربي. وهنا لابد من الإشارة إلى الحقائق والاتجاهات التالية :
-إن الطرف غير الشرعي في العراق إنما باق بفعل الاحتلال مثلما أتى مع الاحتلال، وبالتالي فأن التعامل مع هذا الطرف كأمر واقع هو التعامل والقبول بالاحتلال.
-إن ما يمكن أن يقبل أو يقوم به الطرف غير الشرعي في العراق مبني على أسس ومصالح شخصية أو فئوية مرتهنة للاحتلال. وإذا قرر الاحتلال، بسبب من تنفيذ متقدم لخططه أو بسبب من تعثره، إعمال صيغ التقسيم للوطن العراقي فأن مبدأ وسياسة التعامل مع الأمر الواقع ستنسحب بفعل العجز و/أو التآمر الرسمي العربي على منتجات قرار الاحتلال إياه.
-إن المقاومة الوطنية المسلحة المتصاعدة والمستمرة ومشروعها الجماهيري في العراق لا تخضع لغير منهاجها المقاوم ولا تسعى لغير هدفها الستراتيجي المتمثل»بطرد قوات الاحتلال وتحرير العراق و الحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين«، وهي الطرف الوحيد حر التصرف وفقاً لمنهاجه واستهدافه، وبالتالي فان »إمكانيات تأزيم مفردات الإقليم وتوقعات حرق أصابع أنظمة عربية بعينها في تعاملها مع الشأن العراقي« يعتبر من المتطلبات التلقائية لاستمرارية المقاومة في مواجهاتها مع الاحتلال و إفرازاته في معركة التحرير.
4-وأخيراً، لا بدَّ من تأشير خاص لحالة وموقف »الكيان الصهيوني« في الإقليم، حيث شكلت وتشكل لازمة تفرض ذاتها في كل التطورات الحاصلة منذ خلق هذا الكيان. إن العدوان الأمريكي البريطاني على العراق واحتلاله، يحمل أهدافاً تحقق بالإنابة لصالح العدو الصهيوني، وفوق ذلك وبسبب من الموقف العربي الرسمي المتآمر و/أو العاجز، وتأسيساً على طبيعة الاحتلال وإفرازاته، وبفعل المقاومة الوطنية العراقية المسلحة المتصاعدة والمستمرة، تطرح الخصوصية العدوانية والتوسعية »للكيان الصهيوني« مسألة الاستحقاقات الستراتيجية المبنية على ترابط أزمات الإقليم والدور الصهيوني فيها، حيث لا بدَّ من استقراء الاتجاهات التالية:
-اختلال التوازن الإقليمي بفعل العدوان على العراق واحتلاله يشكل منطلقاً لبناء وفرض تعادلية جديدة متعارضة ومصالح وأمن واستقرار النظام العربي ومفرداته القطرية وخاصة في الشرق العربي، (المجال الحيوي للتوسع أو السيطرة »الإسرائيلية«) بسبب من العوامل الجيو- سياسية والسكانية والاقتصادية.
-البروز والتبرير المتبادل للتماثل في الأدوار الأمنية والعسكرية لكل من الولايات المتحدة و»إسرائيل« والتي تبرر وتسمح لهما بالضربات الاستباقية والعمليات خارج الحدود، مع الإفلات من ضوابط الشرعية والقانون الدوليين. إن ذلك سيكون سيفاً مسلطاً على رقاب أنظمة عربية سواء لإسقاطها أو لفرض متطلبات أمريكية – صهيونية عليها.
-حساسية وخصوصية العامل الزمني المرتبط بسلم الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية الأمريكية في مواجهة التورط في العراق وكلفة احتلاله وسقوط ذرائع الاحتلال من جهة، وضغط المطالب الابتزازية التقليدية»لإسرائيل« و حلفائها في واشنطن والتي ستتعامل مع الإدارة الجمهورية الحالية كجهة ضعيفة قابلة للابتزاز في السباق الرئاسي، وأكثر قوة وأقل ضعفاً في مواجهة الابتزاز في حال الفوز برئاسة ثانية من جهة أخرى. وهنا يمكن أن تكون كل التزامات الإدارة الأمريكية الحالية تجاه الإقليم ومفرداته (إذا صدقت) مشروطة بعودة الإدارة الحالية لفترة رئاسية ثانية، وهو ما لا تريده»إسرائيل« إضافة لمأزق تلك الإدارة الأخلاقي والسياسي والاقتصادي كعامل له ترجيحه السلبي.
إن هذا التقييم وما نشأ عنه من استقراء للاتجاهات وتوقع للأحداث، أتى به حزب البعث العربي الاشتراكي، وفي هذا الوقت وبعد صدور منهاج المقاومة العراقية السياسي والستراتيجي، ليحاكي به النظام العربي ومفرداته، ويخاطب به الأمة ومفكريها وتياراتها السياسية، ويقترب به من الجماهير الرافضة والمقاومة للاحتلال في العراق وفلسطين والقلقة على مصير أقطارها الأخرى. فالبعث والمقاومة الوطنية العراقية قد حسما خياراتهما وهيئا لاستمرار المقاومة وتصعيدها لتحقيق الهدف، ولن يكون للآخرين (عراقيين وأنظمة عربية) الذين يتعاملون مع واقع الاحتلال وإفرازاته، مجبرين أو متآمرين، أي تأثير على خيارات البعث والمقاومة ولن تساوى أبداً خطورة تأزيم الإقليم ومفرداته بهدف طرد الاحتلال وتحرير العراق.
عاش العراق حراً وليهزم الاحتلال..
عاشت المقاومة العراقية الباسلة..
عاش مناضلو البعث وعاش الرفيق الأمين العام أمين سر قطر العراق..
المجد والخلود لشهداء العراق الأكرمين..
عاشت فلسطين حرة عربية..
والله أكبر.. الله أكبر..
8 تشرين أول 2003م جهاز الإعلام السياسي والنشر

الملحق (6)
القيادة القومية لحزب البعث تدعو إلى تصعيد مواجهة الاحتلال الأمريكي
لندن ـ القدس العربي : اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث في بيان مؤرخ بالخامس والعشرين من تموز (يوليو) أن استشهاد عدي وقصي صدام حسين يجدد أبعاد ومعاني كربلاء الحسين، داعيا إلى تصعيد المواجهة مع الاحتلال الأمريكي في العراق.
بيان إلى جماهير الأمة العربية
ها أنتم تعيشون معنا متابعين لما جرى ويجري على أرض الرافدين، وبعد مضي أكثر من أربعة أشهر على احتلال بغداد العروبة والإسلام، من قبل مغول العصر الهمج، الذين ظنُّوا –ويا بئس ما ظنُّوا- أن بإمكان أسلحة الدمار التي استخدموها، لقادرين على احتواء شعب العراق مع جماهير الأمة العربية والإسلامية حتى يحققوا حلمهم المريض الرامي إلى تدمير كل ما بناه حزب البعث العربي الاشتراكي، ومحو مبادئه ومعانيه الكبيرة من ضمائر وعقول العراق المناضلة والأمة المجيدة. ألا بئس ما ظنوا، ولعنة التاريخ تلاحقهم على أرض العراق المحتل من قبل هؤلاء العلوج الذين فوجئوا اليوم بقوة المواجهة، وعظمة الرد الحاسم في العمليات الاستشهادية والقتالية النوعية التي أرَّقت مضاجعهم ومضاجع دُماهم الذليلة المحيطة بالعراق.
لقد فُجعوا بصمود العراق المتجدد، وبصوت العراق الواحد، صوت التحرير الذي يعلو ولا يُعلى عليه، فتبددت أحلامهم، وتبخرت مؤامرات التجزئة والتفتت التي خططوا لتنفيذها منذ سنوات ما قبل العدوان الثلاثيني، وخلال الحصار الظالم، الذي فُرِض على عراق »نبوخذ نصَّر« و»سعد«، و»الحسين«، و»العباس« و»صلاح الدين«، و»صدام حسين«… عراق القادسيتين، وأم المعارك الخالدة، ومعركة الحواسم.
أيها المناضلون الأحرار في كل مكان من أرض الأمة:
ها أنتم تتابعون معنا عبث الأمريكان والبريطانيين على أرض العراق، ومن معهم من التابعين، والمأجورين من الدول التي قبلت بالعدوان على العراق، إلى جانب العملاء الذين درَّبتهم أمريكا على أعمال التخريب، والشغب، والنهب، والتدمير الذي بات قاعدة سلوك الأمريكان والبريطانيين وتصرفاتهم، في حين أصبح احترام إرادة شعب العراق، وحقوقه في الحياة الحرة الكريمة، استثناءً؛ وقد ظنَّ هؤلاء، ومن يحركهم، أن شعب العراق الأشم سيغفر لهؤلاء، ولأولئك، عدوانهم وخيانتهم، وعمالتهم، وإنه سيقبل بسياسة الأمر الواقع، التي يحاولون –بمختلف الوسائل- فرضها، والترويج، والتسويق لها عربياً، ودولياً، من خلال معظم الأنظمة العربية المتواطئة، والمشاركة في العدوان على العراق بطرق مباشرة، أو غير مباشرة. وكذلك عن طريق ما يسمونه بالأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، معتقدين أن كذبتهم الكبرى لا تزال غير مكشوفة للعرب والمسلمين، ولكل أحرار العالم. فها هو العراق يثبت للعالم كله خلوَّه من أسلحة الدمار الشامل. و على الرغم من ذلك ظلَّ العالم محتفظاً بالصمت، متجاهلاً كل القيم والأخلاق والمواثيق الدولية تجاه ما يدور على أرض العراق من قبل المحتلين. وها هو العراق يؤكد –يوماً بعد آخر- أنه لن يقبل بوجود الغزاة على أرضه، وإن رايات الجهاد قد ارتفعت عالياً، وستُرفع يومياً في كل قرية ومدينة ومحافظة على أرض العراق، وإن القائد صدام حسين، الذي قاد عملية المواجهة –منذ بداية العدوان على العراق وحتى اليوم- سيظل رافعاً راية الجهاد… قائداً لقوافل المجاهدين والمجاهدات، من أبناء العراق النشامى والماجدات. وإن جماهير الأمة العربية، على امتداد ساحة الوطن العربي الكبير كله، لن تظل مكتوفة الأيدي أمام عبث العابثين، وهمجيتهم، من الأميركان، والبريطانيين، والصهاينة، والعملاء، الذي باعا الأرض والعرض، مقابل إرضاء عدو الأمة الأكبر، أمريكا والصهيونية.
أيها البعثيون في كل مكان:
لقد حدد قائد المسيرة البعثية، القائد صدام حسين، أسلوب المواجهة منذ وقت مبكر، مدركاً أن مغول العصر –الأميركان والبريطانيين- سيستخدمون كل ما لديهم من القوة التقنية والخبث الإعلامي، والحيل الدنيئة؛ وإنه ليس أمام الثورة في العراق، والقوى الحية في الأمة، إلاَّ –كما أكَّد قائلاً:
1-»أن نستند إلى العلم التقني في مواجهة الخاصيات العلمية لأسلحتهم وتجهيزاتهم، تحت شعار: إن لم نتكن من إبطال مفعولها، فلا بد من إضعاف تأثيرها. وإن لم نتمكن من القضاء على تفوقهم التقني، فلا بد من التفوق عليهم عقلياً وجهادياً. وإن لم نتمكن من التحكم بالزمن، الذي ستمتد إليه المعارك، فلا بد من أن نُلحق بهم خسائر جدية في التجهيزات والأفراد، فنفرض عليه النظر في الاستمرار بالمعركة«.
2-استخدام البساطة، كرديف لمواجهة التعقيد.
هكذا تتحول »قوة الحق إلى قدرة فاعلة لمواجهة القوة الغاشمة«. ها هو المجاهد صدام حسين يؤكد –مجدداً- بمناسبة ذكرى 17 – 30 تموز، على أهمية المواجهة والتصدي في كل الساحات التي يتواجد فيها العدوان الأميري البريطاني، والقيام بكل الواجبات لتوسيع دائرة المقاومة المنظمة، مجسداً، على صعيد الواقع، هذه الرؤية العميقة. فالفرصة التاريخية، اليوم، تقدم نفسها على طبق من ذهب للأمة العربية كلها بعد أن فتح لها حزب البعث العربي الاشتراكي كل الأبواب والنوافذ، كي يدخل منها العرب، كل العرب، ليعلنوا موقفهم المبدئي الحاسم في مواجهة الهجمة البربرية، التي تتعرض لها العروبة والإسلام، في العراق وفلسطين، وكل الأرض العربية. فقد بات الوطن العربي، بخيراته وأراضيه، مشاعاً للأميركان والبريطانيين، وحلفائم الصهاينة وغيرهم… كما أضحت عقيدة الأمة، وإرادتها الحرة، مستهدفة –بشكل مباشر وغير مباشر- وبمختلف الأساليب والطرق والحيل الأنجلو أميركية، والصهيونية الصليية. فالصهيونية الصليية الجديدة تعتقد بأنها قد ربحت المعركة مسقطة من حساباتها أن الشعب العربي ليس هو الأنظمة الذليلة المتواطئة والمستسلمة والمتآمرة مع أعداء الأمة.
أيها المناضلون والأحرار:
إذا كانت الأنظمة العربية قد أظهرت العرب بمظهر التردد والتهافت، عبر مؤتمرات القمة قبل العدوان، هذه السياسة التي أوصلت معظم الأنظمة العربية، أو كلها، منحازة، دون خجل، إلى معسكر الأعداء؛ وكشفت عن وجهها القبيح، وإن حاول »بعض البعض« أن يطل من نافذة الآخرين على استحياء، ضاربة بعرض الحائط طموحات جماهير الأمة العربية والإسلامية.
فها هي هذه الأنظمة اليوم تبدو على حقيقتها، وكأنها امتداداً –بشكل أو بآخر- للتحالف العدواني على العراق، كما مثَّلت، وتمثل، »ظلاً« للكيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة… حقاً… لقد تجاوزت هذه الأنظمة كل الحدود، لتقف في الخندق المعادي لطموحات الإنسان العربي، متكالبة –أيضاً- بدوافع مختلفة، لتصب كلها في خانة الأعداء، الذين سعوا، ويسعون، لاغتيال الروح الوطنية والقومية، والعمل الجاد، في السر والعلن، للحيلولة، ومنذ أمد بعيد، دون ظهور نظام وطني قومي تقدمي في الوطن العربي. على الرغم من من هذا كله، فإنها لم توفق في تنفيذ ما ذهبت إليه: إذ واجهتها ثورة 17 – 30 تموز من تموز، ببرنامج وطني وقومي برهن على جديتها في شق طريقها النهضوي التقدم العلمي متجاوزة الخطوط الحمراء التي رسمتها للوطن العربي الكبير، العقلية البريطانية الاستعمارية، وجشع الأمبريالية الأميركية، وخبث الحركة الصهيونية. ولما عجز الرجعيون والعملاء، في مواجهة هذه الثورة العظيمة في العراق، رهنوا إرادتهم للأميركان والبريطانيين والصهاينة، تحت المظلة الدولية، في وقت خلت فيه الساحة الدولية للإمبراطورية الأمريكية الصهيونية، وسلَّم العالم –مع الأسف الشديد- للكيان الصهيوني كي يفرض سطوته وبطشه داخل فلسطين كلها.
أيها المناضلون:
لقد كانت تجربة العراق عنواناً لمرحلة ثورية مفتوحة آفاقها وطموحاتها، تجاوزت كل المعوقات، وسياسة التردي والاحباط والسقوط متصدية لكل حالات العد التنازلي التي فرضت على العرب منذ العام 1948م، وما تلاها من نكسات ونكبات وتحديات. حين تمكنت هذه التجربة من بناء قلعة علمية نهضوية في عراق الحضارة… وشكلت جسراً للتواصل والتفاعل والتكامل … مع حركة وانتفاضة شعبنا في فلسطين السليبة.
أيها المناضلون العرب:
لقد عمد الأمريكان ومعهم البريطانيون ومعظم الأنظمة العربية، ومنذ قرارات التأميم في العام 1972م، إلى فتح معركة إعلامية قذرة ضد العراق… تزامنت مع… هدف إسقاط نظام البعث، واجتثاث ما أحدثته الثورة من منجزات… في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وقطع وشائج التلاحم الصميمي بين أم المعارك والانتفاضة الفلسطينية.
أنتم تدركون… أن الصهيونية العالمية وإدارة البيت الأبيض، قد استهدفت العراق وفلسطين، كي تدمر روح المقاومة العربية، وتخنق حركة الثورة والوحدة.
إن شعب العراق خرج من هول الصدمة، كعادته، منتخياً لقيم الرجولة والمبادئ… لتبدأ عملياً ملاحم البطولة، وقوافل الاستشهاد، ورجال المقاومة، لتثبت للأمة كلها أن العراق، كل العراق، لن يقبل بالوجود الأميركي البريطاني الصهيوني على أرضه… ولن يرضى بغير العراق الواحد الحر الموحد.
إن القيادة القومية، وهي تؤكد على كل هذا :
1-تدعو القوى الوطنية والقومية والإسلامية، المؤمنة بالمقاومة والتحرير، إلى بذك جهود مضاعفة لمواجهة العدوان الأميركي البريطاني الصهيوني في العراق وفلسطين، وضرورة الرد عليه بكل الوسائل الممكنة على طول الساحة القومية والإسلامية، وتعرية الأنظمة المتواطئة معه أمام جماهيرها الواسعة.
2-مطالبة الجامعة العربية، والأنظمة العربية، بضرورة رفض إدارة الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق وعدم التعامل معه.
3-رفض ومقاومة مجلس الحكم الانتقالي، وعدم التعامل معه، باعتباره عنواناً من عناوين الاحتلال الذي يبحث –من خلاله- عن شرعيته واستمرار وجوده على أرض العراق، مما يستوجب على العرب والمسلمين رفضه ومقاومته، وعدم التعامل معه كعنوان أو كأشخاص.
4-إدانة قرار هذا المجلس المسخ، الذي أعلن يوم احتلال بغداد، عاصمة السلام والحضارة، عيداً وطنياً عراقياً، واعتباره قوات الاحتلال قوات تحرير.
5-مطالبة منظمات الحقوقيين العرب وكافة منظمات حقوق الإنسان في العالم إدانة فاشية أمريكا علي أرض العراق والبدء بفتح ملف لمحاكمة بوش وبلير كمجرمي حرب، جراء ارتكابهما مجازر وحشية متواصلة ضد أبناء العراق الصامد، تهز ضمائر وأحاسيس الشعوب الحرة وكافة المفكرين والمدافعين عن الحرية وحقوق الإنسان في العالم؛ وكذلك ما يزعمانه بزهو من انتصارات بقتل ومطاردة أفراد أسرة القائد المجاهد الرمز صدام حسين، وتمثيلهما بجثتي الشهيدين عدي وقصي عبر القنوات الفضائية العربية والأجنبية بعد أن ادعت القوات الأمريكية أنها اغتالتهما بعد معركة دامت زهاء أكثر من أربع ساعات حشدت فيها أكثر من (26) دبابة و(13) طائرة مروحية ـ أباتشي ـ و(400) جندي مستخدمة في تلك المعركة كل أنواع أسلحتها التدميرية المحرمة دولياً، أظهرت -ومن خلال أجهزة إعلامها- مدى الهمجية التي وصلت إليها الإدارة الأمريكية ومدى الحقد الذي تكنه إمبراطورية الشر هذه ضد كل الوطنيين والمؤمنين بأمتهم ووطنهم والرافضين للاحتلال والهيمنة، وكل الذين عاهدوا الله على النضال حتى ينالوا إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة. وإذا كان عدي وقصي قد استشهدا فإنهما بهذه الشهادة قد أضافا سفراً جديداً إلى قائمة الشهداء مجددين بذلك أبعاد ومعاني كربلاء الحسين دفاعاً عن الحق والقيم والكرامة، وسطروا -مع رفيقيهما اللذين استشهدا معهما بدمائهم الطاهرة- أنصع ملامح البطولة والتضحيات وصور الرجولة والفداء. فكانوا بعملهم هذا فخراً وأيما فخر للامة العربية كلها، ووقفة عز لكل العراقيين بشكل عام، وللقائد المجاهد الفذ صدام حسين الشامخ الثابت المحتسب بشكل خاص.
لقد آن الأوان كي يدرك الجميع أن عدونا في العراق وفلسطين هو عدو واحد مهما اختلفت التسميات. وإن أية خلافات بين القوى الحية في الأمة هي خلافات ثانوية أمام الخلاف الجوهري والمصيري بين الأمة وأعدائها.
حقاً إن صراعنا مع المحتل، هو صراع وجود بكل الأبعاد، وإن استهداف الأمة، في جميع أقطارها، بات واحداً مهما حاول العدو اليوم تقديم أو تأخير بنود أولوياته وأهداف.
ولندرك جميعاً أنه لا علاج لمواجهة الاحتلال والغزو، إلاَّ بموقف جماهيري موحد، وبقيام جبهة قومية وإسلامية، تتصدى لهذا الاحتلال والغزو؛ وتنهي سياسة التهافت والاستسلام، فتنتصر للأمة في العراق، وفي فلسطين، وتجنب بقية أقطارها كوارث جديدة، وطوفان يجرف الجميع، ودون تمييز.
الموت للغزاة الأشرار. ـ الخلود للشهداء الأبرار في عليين.
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر. ـ المجد والنصر للعراق الأشم وقادته الجهاديين ومقاومتهم الباسلة
الله اكبر.. الله اكبر.. وليخسأ الخاسئون
في 25/7/2003 القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

حسن خليل غريب
لبــنان في أيلول / سبتمبر 2003م

] رجاءً مراجعة أول هامش سيرد في الصفحات اللاحقة.
] لم نستطع الحصول على النص الكامل للموجز الذي عرضته جريدة المجد الأردنية، وقد استطعنا الحصول عليه –لاحقاً- من موقع البصرة. فاقتضى التنويه.