السبت، أيلول ٣٠، ٢٠٠٦

كتاب المقاومة الوطنية العراقية 1

كتاب المقاومة الوطنية العراقية
معركة الحسم ضد الامركة
عن شبكة البصرة

بقلم : حسن خليل غريب

الإهـــداء
إلى أبطال المقاومة الوطنية العراقية

الذين ما إن ابتهج الغزاة المحتلين بإسقاط تمثال القائد العربي صدام حسين في التاسع من نيسان من العام 2003م، حتى كانت سواعدهم تمتشق البنادق في العاشر منه* لتصلي الغزاة ناراً لاهبة
والذين توهَّم الغزاة، وعملاؤهم، أنهم انتهوا بزوال السلطة فإذا بهم يبرهنون، بجدارة، على أنهم أبناء للثورة
و العراقيين الذين اختاروا طريق الجبهة الوطنية لمقاومة الاحتلال
و الذين توافدوا للدفاع عن أمتهم العربية على أرض العراق، حيث مواقع النضال والجهاد، فأعطوا للمعركة عمقها القومي والإنساني
*22 نيسان 2003م: لندن : القد س العربي : البيان الرقم (1) ل»قيادة المقاومة والتحرير« العراقية : »منذ يوم 10/4/2003 ورجال ونساء المقاومة والتحرير يخوضون عمليات قتالية ما بين الهجوم الخاطف والعمليات الاستشهادية لتحرير العراق العظيم من قوات هولاكو العصر المجرم بوش والمجرم بلير والصهاينة الخاسئين
كتاب المقاومة الوطنية العراقية
الحلقة الاولى


مقدمة
سألني أحد الأصدقاء، بعد أن عرف بأنني أُعِدُّ دراسة عن المقاومة الوطنية العراقية، قائلاً: أليس من المبكر أن تُعِدَّ دراسة عن ظاهرة لا تزال في طور التكوين؟
أثارت الملاحظة لديَّ مخاوف من الوقوع في مرحلية العمل الصحفي ويومياته الإخبارية. فالخبر يتسابق مع التحليل وإذا سبقه يفقد التحليل أهميته. فإذا لم يكن التحليل سابقاً الخبر، ويتميز باستشرافه المستقبل، فلن تكون الدراسة بذات جدوى.
كنت واثقاً من أن المقاومة العراقية ليست ظاهرة تكوَّنت في ساعة الصدمة التي ولَّدها الاحتلال الأميركي – البريطاني لأرض العراق، بل سبقته بأوقات طويلة. فالمقاومة في العراق نتاج استراتيجي، وليس نتاجاً مرحلياً. وتستند استراتيجيتها إلى أنها تمثل أحد الأسس الفكرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وترسَّخت في تربية البعثيين النضالية، على امتداد عشرات السنين أسهموا فيها بدور فاعل في تاريخ المقاومة الشعبية لكل مظاهر الاستعمار: في فلسطين، ولبنان، والأردن؛ وهذا هو –الآن- يمارسها –بكفاءة لافتة- في العراق.
وتستند الاستراتيجية النضالية للحزب إلى تُراث عربي تاريخي عريق، تراكم عبر العصور؛ كما تستند إلى تجربة عراقية خاصة، وكان من أهمها ثورة العشرين التي واجه فيها الشعب العراقي الاحتلال البريطاني.
وردَّاً على المتسائلين، أو المشككين، حول أسباب ظهور المقاومة العراقية تحت صيغة أنها منظمة أو هي نتيجة ردود فعل فردية، جئنا –من خلال دراستنا هذه- لنكشف أن المقاومة العراقية تقوم على أساس فكر استراتيجي وليس ردة فعل تكتيكية، كما أن الإعداد لها سبق العدوان الأميركي بسنوات طويلة.
مستنداً إلى العمق الاستراتيجي للفكر المقاوم عند حزب البعث العربي الاشتراكي ، تخلَّصت من مرحلية الخبر الصحفي ويوميته. ووظَّفته للبرهان على صحة تلك الاستراتيجية، وبذلك ضمنت للدراسة عن المقاومة العراقية ثباتاً استراتيجياً في الرؤية والتحليل، وحتى الخبر أسهم في إضفاء مصداقية وثبات على نتائج الدراسة، وبذلك ابتعدت الدراسة عن أن تكون مجرد وظيفة خبرية.
بعد أن ابتدأت عمليات العدوان العسكري على العراق، ومن منظار المتابعة الخبرية والخطابية، وترقباً لتحقيق أمنيات طالما غلَّبها المتابعون لمجريات حرب المواقع العسكرية، حدث ما حسبه كل المراقبين أنه من المفاجآت التي لم يكونوا يتوقعونها، وتمثَّلت المفاجأة بدخول جنود الاحتلال الأميركي إلى بغداد، في الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه صموداً أكثر وقتالاً أكثر يلحق بجيوش الغزاة الخسائر الفادحة. وكان البديل من كل تلك التوقعات أن الاحتلال حصل في وقت سريع، قابله اختفاء سريع لكل مظاهر القوات العسكرية العراقية النظامية. وهذا ما أثار علامات التعجب والاستهجان، وعلامات الخيبة، عند الصادقين في محبة أمتهم العربية.
لكن بعد تواتر الأخبار عن عمليات المقاومة العراقية، هدأ روع الجماهير العربية، وتبدَّلت علامات السخط إلى مظاهر من الإعجاب والتشجيع لتلك الظاهرة.
وما كان ملفتاً للنظر هو تحول مظاهر الخيبة والتنديد، إلى مظاهر الإعجاب والتشجيع، لكن من دون أن يقوم أحد بتفسير لذلك الانتقال المفاجئ. أما نحن فكنا نملك تفسيراً لمثل تلك المتغيرات التي أحاطت بظاهرة المقاومة العراقية. ومن أجل توضيح تلك المساحات من الرؤية الغائبة عن أنظار الكثيرين ووعيهم، جاءت هذه الدراسة كمحاولة هدفها ملء تلك المساحات. وتمثَّلت مهمة البحث بتسليط الأضواء على ما كان خافياً، أو ما هو غائب -بالفعل- عن مدى الرؤية عند معظم المراقبين، الذين سخطوا ثم أُعجبوا.
إن المساحة الغائبة عن رؤية الصراع الأميركي - العراقي، هي من مهماتنا التي سنعمل على الكشف عنها. ويقوم أسلوب الكشف، مستفيداً من الخبر الصحفي والخطاب التعبوي، على مراجعة فكرية استراتيجية يستند إليها النظام السياسي الذي كان قائماً في العراق قبل الاحتلال. وهنا نرى أن مظاهر التصادم العسكري ووقائعه، الذي دار على الساحة العراقية، بشكل حرب المواقع النظامية، غيَّبت كل أشكال الصراع الأخرى التي تدعو إليها استراتيجية حزب البعث العربي الاشتراكي.
وجدنا أن تلك الأشكال هي ذات مضامين فكرية استراتيجية نظرية، ومظاهر نضالية عملية تمظهرت في تاريخ الحزب منذ الإعلان عن تأسيسه في العام 1947م.
بعد أن قلبت مظاهر المقاومة الشعبية في العراق موازين المزاج الشعبي، والثقافي والسياسي، أيضاً، راحت التحليلات، بالإضافة إلى المتابعات الخبرية تتساءل: هل المقاومة العراقية ردة فعل ضد فشل أساليب قوات الاحتلال في ضبط الفلتان الأمني، وانتشار السرقة والنهب، كما غياب الخدمات العامة من مياه وكهرباء وهاتف، ونتيجة اتخاذ قرارات عشوائية لإدارة الاحتلال المدنية بحل أجهزة الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والقضائية، أي كل ما له علاقة بحياة الناس ولقمة عيشهم؟ أم أنها تأتي في سياق آلية مقاومة استراتيجية للمشروع الامبريالي الصهيوني؟
تكاثرت التحليلات وتضاربت، وكثرت التنبوءات حول تحديد زمن تنتهي فيه تلك الظاهرة، فربط البعض استمرارها بإنهاء مرحلة الفوضى، وإعادة الخدمات العامة، أو بتأمين لقمة العيش لملايين العائلات التي فقدت مورد رزقها.
وربطها البعض الآخر بأنها ردَّة فعل يائسة يقوم بها المستفيدون من النظام السياسي السابق، يمكن القضاء عليها، من خلال اعتقال رئيس جمهورية العراق، صدام حسين، مروراً بتصفية القيادة السابقة، انتهاءً بالقضاء على أي تأثير لحزب البعث العربي الاشتراكي في الحياة العامة العراقية.
حتى القوميون الصادقون، لم يحسبوا -في غمرة توقعاتهم وتحليلاتهم- أن هناك عوامل مبدئية استراتيجية أسهمت في صياغة مبكِّرة لظهور المقاومة العراقية. فربط البعض ولادتها ومصيرها بمظاهر محض مادية، فظهر وكأنهم يصورون بأن قتال العراقيين لقوات الاحتلال لم يكن إلاَّ من أجل تأمين بعض الخدمات، من ماء وكهرباء وهاتف وعدة ليترات من البنزين. وهنا نتساءل: إذا صدق المحتلون بتأمين كل تلك الخدمات، فهل تتوقَّف المقاومة ضدهم؟ وهل تحول الوطن إلى نقطة من الماء ومصباحاً من الكهرباء، وعدة ليترات من البنزين؟ أوَ ليس للكرامة الوطنية موقع عند العراقيين؟
وهنا نشير إلى أن الذين ربطوا انطلاقة المقاومة العراقية بالعوامل المادية، خاصة أولئك الحاقدين والمتورطين بمخططات الاستعمار الجديد، تناسوا أن من أهم دوافع الذين يقاتلون الاحتلال هو الدفاع عن كرامتهم الوطنية وقرارهم المستقل في اختيار النظام السياسي الذي يريدون، وحماية ثروتهم الوطنية ضد أساليب النهب الأميركي المنظم.
فدفاعاً عن المفاهيم الوطنية والقومية، والشرف الوطني، التي يتمسك بها العراقيون، جاء البحث لكي يكشف الزيف عن الادعاءات التي يعمل الحاقدون على نظام البعث في العراق، ومنعهم من أن يوغلوا تضليلاً على عقول الجماهير، ولكي يكشف نواياهم الخبيثة وحقدهم الدفين التي تدفعهم لتغطية جريمة احتلال العراق وتبرير شرعيته.
لعلَّنا منهجياً نكون قد تجاوزنا المآزق التي يضعنا أمامها الخبر الصحفي، ولعل نتائج البحث تنجح في الارتفاع بوعي الرأي العام العربي والدولي، في النظر إلى ما جرى في العراق، إلى المستوى الفكري والاستراتيجي النضالي الذي يشكل البوصلة النضالية لحزب البعث في مواجهة الاستعمار، بما يلقي أضواء كاشفة يتضح معها ما كان يعده البعض مفاجآت، تدعو إلى السخط حيناً وإلى الرضى والاعجاب أحياناً أخرى.
إن نتائج نضال المقاومة العراقية، وإن لم تنته فصولاً حتى الآن، فإن معالمها أصبحت واضحة للعيان، فهي قد فرضت نفسها عاملاً أساسياً في منع القوات الغازية من الاستقرار، وفي معادلة رسم مستقبل العراق بعد إنهاء الاحتلال. وإن الحكم على تأثيرها لم يعد غامضاً أو خاضعاً لـتأثيرات غير محسوبة، لأنها رسمت الخط الاستراتيجي الذي سوف يفرز نتائج واضحة وثابتة والتي لن يغيِّر تسارع الأحداث مما أصبح متوقعاً منها، أما تلك النتائج فهي إزالة الاحتلال وعملائه، وإنهاء كل المظاهر التي أفرزها. فلا يمكن –إذاً- أن يتجاوز تسارع الأحداث تلك النتائج التي توقعت هذه الدراسة حصولها. وهذا ما يشكل حصانة لها ضد أن تكون مجرد متابعة مرحلية، وهذا ما يعطيها أهميتها في الرؤية الاستراتيجية لظاهرة اعتبر الكثيرون أنها مؤقتة.
أما أهداف الدراسة ووسائلها فكانت التالية:
لم تكن من مهمتنا في هذه الدراسة أن نقوم بمقارنة توثيقية رقمية لموازين القوى العسكرية بين أميركا والعراق، ولكنها اهتمت بتوضيح رؤيتنا حول تحديد العوامل التي تبيِّن إمكانيات تحقيق نصر أو إلحاق هزيمة بين الطرفين المتصارعين.
في موازين القوى العسكرية، على مستوى العالم، هناك اعتراف بتفوق القوة العسكرية الأميركية، بمقارنتها مع الدول الكبرى، على شتى الصُعُد. ونرى أنه من السذاجة أن يسمح أحد لنفسه بالدخول في مجال المقارنة بين القوتين العراقية والأميركية، فهناك مسافة كبرى بينهما، ولهذا لن تستطيع القوة العراقية النظامية أن تصمد كثيراً في حرب المواقع أمام القوة الأميركية. ففي ظل مثل تلك المعادلة تنتصر القوة الأميركية، بدون شك. وفي المقابل ينهزم العراق بالتأكيد. لكن في رفض الطرف العراقي الرضوخ للإملاءات الأميركية، وهو الأضعف في الصراع العسكري، ما يدفعنا لطرح الأسئلة التالية:
إذا كانت نتائج الصراع العسكري النظامي واضحةً على ما قمنا بتحديدها، فلماذا أصرُّت القيادة العراقية على خوض الصراع مع قوة عسكرية تعرف نتائجه مسبقاً؟ أوَ ليس الإصرار على ذلك إلاَّ حالة واضحة من العبثية؟ ([1]).
أوَ ليس الخطاب السياسي أو التعبوي إلاَّ رومانسياً؟ ذلك الخطاب، الذي يحسب فيه أصحابه أنهم يمتلكون مقدرة على إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر على الرغم من أن ميزان القوى يميل -بشكل لا شك فيه- لصالح الطرف الآخر؟([2]).
استناداً إلى مضمون إيديولوجيتهم الإعلامية والسياسية يتهم»الواقعيون« كل من يُصرُّ على مواجهة القوى العسكرية الكبرى بالرومانسية والسوريالية، ويدعونهم إلى أن لا يقودوا شعوبهم إلى حروب مع تلك القوى، لأن نتائج الإصرار تجر إلى كوارث مادية وإنسانية على شعوبهم.
وبين من يُصرون على قتال الخصم، بشعارات رومانسية ومن يصرون على الواقعية، مسافة حدَّدها -من يحلو للبعض أن يطلقوا عليهم صفة الرومانسيين- بعقلانية تستند إلى الدفاع عن القيم الإنسانية، بينما لم يستطع الواقعيون التقاطها. تلك المسافة تملؤها قيمة الدفاع عن السيادة الوطنية بملحقاتها بالحق في الحرية والمحافظة على الكرامة الإنسانية وحرية التصرف بالثروات الوطنية، وحرية اختيار الأنظمة السياسية…
ولأننا مقتنعون بأن الواقعية شيء عملي ومناسب إذا كانت موازين القوى العسكرية هي التي تحدد نتائج النصر والهزيمة، ولكننا لا نحسب أن نتائج استخدام القوة العسكرية هي التي تحدد أسس العدالة بين شتى مستويات البشر، أفراداً وجماعات ودولاً -ولن تحققها- لأن مقولة الحق للأقوى تتنافى مع قيم الحرية والعدالة والمساواة. وشتى القيم الإنسانية الأخرى، من الحق بالمحافظة على السيادة الوطنية، وحرية التصرف بالثروات الوطنية، والحق في اختيار النظام السياسي.
ولأن استخدام القوة هو من الوسائل / المتغيرات، بينما القيم الإنسانية التي تحكم علاقات الإنسان بالإنسان هي من الثوابت، نكون بغاية من التعسف إذا ما قمنا بتثبيت المتغير المؤقت (الخوف من مواجهة عدوان القوى الكبرى)، وبتغيير الثابت وتحريكه (التنازل عن الحقوق الوطنية لقوى العدوان).
ولأن الداعين إلى الواقعية يغيِّبون العوامل القيمية عن التقييم، قمنا بدراستنا هذه بالدفاع عن رؤيتنا وقناعتنا من خلال دراسة واقعية ميدانية معاصرة، وهي موضوع المقاومة الشعبية في العراق ضد الاحتلال الأميركي – البريطاني.
أما لماذا أعطينا للمقاومـة العراقيـة صفة الوطنيـة؟
نطرح هذه الإشكالية في مواجهة الذين يستغربون أن تُعطى صفة الوطنية لمقاومة يقودها حزب يستند في إيديولوجيته إلى عمق قومي عربي. وهنا نرى أنه من بديهيات الأمور، أن يقود العراقيون –في هذه المرحلة- العمل المقاوم ضد قوات الاحتلال التي قامت باغتصاب أرضهم، وتعمل على ترتيب البيت العراقي –سياسياً واقتصادياً- بما يسمح لها بسرقة ثرواتهم الوطنية.
لذا تستند وطنية المقاومة العراقية إلى أن مقاومة الاحتلال هي أولاً مهمة أساسية من مهمات العراقيين. فإذا ما أحسنوا تنظيمها والقيام بموجباتها يأتي دور الآخرين، من تيارات وقوى وتجمعات شعبية قومية عربية، بالمساندة والمساعدة والمشاركة. وإذا ما أحسنت القوى القومية القيام بدورها القومي، في إسناد المقاومة العراقية –كفصيل من فصائل الثورة العربية- يأتي دور الإسناد الأممي الإنساني.
فعلى أسس وطنية المقاومة العراقية وقوميتها، إذاً، تتلقى إسناداً عالمياً وإنسانياً. لأنه من غير المنطقي أن يكون الشارع القومي العربي أكثر حيوية من الشارع الوطني العراقي، وأن يكون الشارع العالمي أكثر حيوية من الشارع القومي العربي.
استناداً إليه، نرى أن العمل المقاوم العراقي –على قاعدة وطنيته- يشكل المدخل الرئيس لولوج البوابة القومية، وبالتالي العالمية.
إن صفة الوطنية التي نطلقها على المقاومة العراقية مدخل أساسي نستند إليه في تعميم فكر المقاومة القومية وثقافتها؛ وهذا هو واقع الحال التي كانت،ولا تزال، عليه –بأشكال مختلفة- المقاومتان الوطنيتان الفلسطينية واللبنانية، وهما التجربتان السابقتان، لكي نستعين بنتائجهما، ونقوم باستنتاجات مفيدة من خلال دراستهما كتجربتين وطنيتين اتَّخذتا عمقهما القومي في مقاومة الاحتلال الصهيوني.
من أولى الاستنتاجات التي أفادتنا بها المقاومتان الوطنيتان، الفلسطينية واللبنانية، أنهما استندتا –أساساً- إلى الجهد المقاوم للشعبين الفلسطيني واللبناني، وبثقل من فعلهما الوطني فتحتا البوابة القومية في الإسناد والدعم والمشاركة.
أما ثاني تلك الاستنتاجات، فكان حرصهما –على الرغم من بعض الالتواءات التفصيلية- على ممارسة الفعل المقاوم على قاعدة الإجماع الوطني، وبذل الجهد للمحافظة عليه كإطار طارد لكل أنواع الأغراض الفئوية.
ولعلَّي أكون قد وفيَّت –من خلال هذه الدراسة- إلى أبطال المقاومة العراقية حقاً لهم، وهي كلمة صادقة تُقال في مقدماتها التاريخية والفكرية، وواقعها الراهن المشرِّف، ونتائجها المستقبلية التي تبشِّر بالخير على العراق والأمة العربية والعالم أجمع،
وعادة ما تكون كلمة الحق فقط أضعف الإيمان، وهذا ما يحدو بنا إلى أن نتطلَّع إلى المشاركة والدعم والاسناد.

حسن خليل غريب
لبــنان في أيلول / سبتمبر 2003م

([1]) يحلو للبعض أن يطلقوا عليها المصطلح الأجنبي: السوريالية.
([2]) يحلو للبعض أن يطلقوا على مثل ذلك الخطاب بالمصطلح الأجنبي: الرومانسية., ويحلو للبعض الآخر –وهو عربي اللسان- أن يطلق عليه مصطلح سياسي عربي: أسلوب أحمد سعيد.
الاحد 13 ربيع الاول 1425 / 2 آيار 2004