الجمعة، أيلول ٢٩، ٢٠٠٦

كتاب المقاومة الوطنية العراقية 3

بقلم : حسن خليل غريب

الفصل الثاني
تاريخية الصراع بين الأمة العربية والاستعمار

أولاً : نظرة تاريخية حول الأهداف الأمبريالية في الوطن العربي

منذ اللحظة التي أعلنت البورجوازية الناشئة في أوروبا، في القرن الثامن عشر الميلادي، إيديولوجيتها الأممية التي تجيز لها التوسع والسيطرة على دول العالم، والهدف من ورائها تأمين أوسع مساحة ممكنة للحصول على المواد الخام، وإيجاد الأسواق الاستهلاكية أمام منتجاتها الصناعية، كانت نقطة البدء في تأسيس معالم الإيديولوجية الأمبريالية.
تحوَّلت تلك الإيديولوجيا إلى مؤسسة دراسات فكرية وسياسية واقتصادية على أيدي الشركات الكبرى في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، على أيدي أكبر المتمولين الرأسماليين، روكفلر. ومن أهم مهمات تلك المؤسسات أن تروِّج لأفكار وترسم سياسات تطال حتى مجتمعات الأسواق الاستهلاكية المفترضَة. والغاية من ذلك أن تمهِّد الطرق أمام انتشار سيطرة رأس المال العالمي.
لذلك، انخرطت الدول الأوروبية في ورشة استعمارية رسمت السياسات الأولى لفرض سيطرتها على الوطن العربي بعد سقوط النظام العثماني التركي في الحرب العالمية الأولى، في الربع الأول من القرن العشرين.
وانتقلت الإيديولوجيا الأمبريالية إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد أن تعزز دورها العسكري وتأثيرها الاقتصادي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وانتقل معها تأثير اللوبي الصهيوني، كجزءٍ أساسي من قوى الرأسمال العالمي.
بدأ الإعداد الأميركي للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وعلى الوطن العربي بشكل خاص، منذ أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، حيث كان العراق من أهم الدول العربية التي انخرطت في التحالف الموالي للإدارة الأميركية، إذ كانت بغداد مقراً لما كان يُعرف ب»بحلف بغداد« الذي ضمَّ إلى عضويته كلاً من إيران وتركيا وباكستان. ولم تكن مدة ذلك الحلف طويلة لأنها انتهت بقيام ثورة 14 تموز / يوليو من العام 1958م، وتلك من المفاجآت المعادية التي لن ينساها الأميركيون، وعلى أساسها ظلَّت بغداد هدفاً استراتيجياً للمطامع الأميركية. وازداد الهدف أهمية، لأنه أخذ يشكل الخطر الأكبر الذي يحول، أو قد يحول، دون استكمال السيطرة الأميركية على الثروة البترولية العربية، وكان ناقوس الخطر الأكثر تخويفاً لمطامع الشركات الرأسمالية الكبرى، هي الخطوة التي أقدم عليها العراق في حزيران من العام 1972م، والتي تمثَّلت بقرار نظام حزب البعث العربي الاشتراكي في تأميم الثروة النفطية العراقية.
ترافقت خطوة تأميم الثروة النفطية العراقية مع عدد من المتغيرات والخطوات الجديدة التي أخذ نظام الحزب يستفيد منها بواسطة العائدات الكبيرة لتلك الثروة، ليس على صعيد الاستفادة منها في مجالات التنمية الوطنية، بل أخذت أهميتها تبرز من خلال الدعم الذي كان يقدمه العراق إلى حركات التحرر العربية، ومنها بعض الأقطار العربية في صراعها مع العدو الصهيوني.
ولما نجحت الإدارة السياسية الأميركية في تطويع الموقف المصري –من خلال اتفاقيات كامب ديفيد- حيث يوجد أكبر خزان شعبي عربي، تحوَّلت الأنظار الأميركية إلى النظام السياسي في العراق، الذي يمثِّل أكبر خزان اقتصادي وثوري.
قام ذلك النظام بدعم الرافضين للسياسات الأميركية، على قاعدة إيمانه بالنضال ضد الاستعمار ومصالحه وأدواته، فتوجَّهت إليه بشكل حاسم وراحت تعد السيناريوهات من أجل إسقاطه. وكان الحماس الأميركي أكثر حرارة لأن أهدافها لقيت حماساً وإصراراً صهيونياً على تنفيذها لأكثر من سبب، ومن أهمها:
- فكره الثوري على الصعيد العربي القومي الوحدوي، وبه يشكِّل النقيض الأخطر لمخططات سايكس – بيكو، بشتى اتجاهاتها ومراميها وأهدافها على الصعيدين الصهيوني والإمبريالي. ولمثل هذا السبب، كانت اتجاهات حزب البعث العربي الاشتراكي تمثِّل الخطر الرئيس([1]) على مصالح التحالف المذكور، فكان من أهم الأسباب التي وضعته على لائحة الاستهدافات الصهيونية والإمبريالية، منذ الخمسينيات من القرن العشرين، أن الاستراتيجية الأميركية - منذ ذلك الوقت- كانت تقوم على ضرورة محاصرة المراكز الثورية العربية وإسقاطها([2])، ولم يخف الأميركيون خشيتهم من أهداف الحزب، وهذا ما أظهرته تصريحات، وأوامر، وقرارات، بول بريمر (الحاكم الأميركي المدني للعراق بعد الاحتلال)([3]).
- كان قرار تأميم النفط العراقي، في حزيران/ يونيو من العام 1972م، هو البداية الحاسمة التي جعلت دول العالم الرأسمالي تخشى من قيام أنظمة مماثلة لنظام حزب البعث في العراق؛ ومنها أخذت الإدارة الأميركية –المؤتمِرة بقرار الشركات الرأسمالية الكبرى- تخطط من أجل احتواء ذلك النظام، وإرغامه على التراجع عن الخطوات الاقتصادية التي تضر بمصالح الدول الرأسمالية، أو – إذا لم تنجح سياسة الاحتواء- استخدام القوة العسكرية.
- تأكد إصرار النظام السياسي في العراق على رفض محاولات الاحتواء والتهديد، بعد أن بدأ في التأسيس لمشروع عربي نهضوي مستفيداً من عائدات الثروة النفطية الهائلة. وبرزت معالم تلك الأهداف من خلال بناء أنظومة علمية تحوِّل العراق إلى بلد منتج للعلم والمشاريع الصناعية الطموحة. وكان من أخطرها بناء مفاعل تموز النووي. ومن أجل بناء المنظومة العلمية على أسس سليمة سلك النظام في العراق طريق استقدام العقول العلمية العربية من جهة، وتأهيل آلاف العلماء العراقيين من جهة أخرى. ولم يمر وقت طويل، بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، حتى تبيَّن أن العراق قد تحوَّل إلى بلد منتج.
- كان النظام في العراق يسلك طريق التقدم العلمي والاقتصادي والسياسي في بناء علاقات مع شتى الأقطار العربية، من خلال مشاريع التجارة والتصنيع المدني والعسكري، مما يؤشر على وجود مخططات واعدة وطموحة لتخليص الاقتصاد العربي من هيمنة الاقتصاد الرأسمالي، وهذا يُعدُّ من أهم مقاتل ذلك الاقتصاد.
- كان النظام السياسي في العراق يقوم بصرف جزء من عائداته النفطية لمصلحة قوى التحرر العربية، وإسنادها بجزء من الإمكانيات اللازمة التي تساعدها على متابعة نضالاتها من أجل تحرر بلدانها من التبعية الاقتصادية للدول الرأسمالية؛ أو من أجل تحريرها من التبعية السياسية والأمنية لها.
- دعمه للثورة الفلسطينية أولاً، أما ثانياً فللثأر التاريخي من العراق عندما سبى نبوخذ نصَّراليهود إلى بابل منذ عدة آلاف من السنين. أما الدليل على مدى تأثير الاستراتيجية الصهيونية تلك على قرارات الإدارات الأميركية المتعاقبة فهو قيام الطائرات من الكيان الصهيوني، في وقت مبكر من إعلان النوايا الأميركية، بقصف المفاعل النووي العراقي في تموز من العام 1981م.

ثانياً : حقيقة الأهداف الإنجلو أميركية نقيض للحقوق الوطنية العراقية

تتجلى أهداف الصراع العربي - الأمبريالي بشكل رئيس في أطماع الأمبرياليين بثروة العرب النفطية، ومن أهمها ثروة الشعب العراقي التي استعصت على الإرادة الإمبريالية. ومن أجل السيطرة عليها حيكت ذرائع لتضفي مشروعية على أي أسلوب يستخدمه الأمبرياليون لتحقيق أهدافهم. وحيث إن عوامل الضغط السياسي على العراق لم تف بالغرض المطلوب، أي لما لم يستجب النظام السياسي في العراق للضغوط السياسية، كان لا بُدَّ للخصم الأمبريالي من التخطيط لاستخدام الضغوطات العسكرية المباشرة، أي استخدام عامل تفوقه العسكري.
إن أطماع الإمبريالية تتركَّز بالدرجة الأولى حول سلب الثروات العراقية، ومنع العراق من حقه في حماية ثروته الوطنية. والعمل من أجل طمس ثروة العراق التاريخية التي تستند إلى التُراث الحضاري الذي تعود جذوره إلى عشرات الآلاف من السنين، بحيث تراكمت التجارب الحضارية منذ أول معلم من معالم الحضارة البشرية التي شهدتها أرض ما بين النهرين.
وبكل مشروعية تستند إلى القيم الإنسانية، كان على النظام السياسي في العراق أن يشهر قوة الممانعة ضد عوامل الضغط السياسي الأميركي. ولما لوَّحت الإدارة الأميركية باستخدام قوتها العسكرية الضخمة ضد العراق على قاعدة أنه إذا لم ينصع إلى التنازل بالتفاوض فسوف يتم إرغامه على ذلك بالقوة. في مثل هذه الحالة كان لا بُدَّ للعراق ، من الاستمرار في ممانعته مستنداً إلى بعض ما يمتلكه من القوى المادية، على الرغم من عدم تكافؤها مع القدرات الأميركية من جهة؛ ويستند، من جهة أخرى، إلى قوة إيمانه بحقوقه الوطنية.
إن تمسك العراق بحقوقه في استثمار ثروته الوطنية كان السبب وراء قرار تأميم ثروته النفطية في العام 1972م. التي كانت تتعرض للسرقة من تحالف رأسمالي بريطاني – أميركي – فرنسي. ولما كانت تلك الثروة حقاً من حقوق الشعب العراقي، وظَّف النظام السياسي الذي قاده حزب البعث العربي الاشتراكي منذ العام 1968م، تلك الثروة لمصلحة الشعب العراقي، وقام بتوظيف جزءٍ منها للدفاع عن الحقوق القومية وحمايتها في أكثر من قطر عربي، فقدَّم مساعدات إلى أكثر من حركة ثورية عربية تعمل من أجل مقاومة هجمة الرأسمال العالمي بالتحالف مع الصهيونية.
ولهذا كان إلغاء قانون تأميم النفط من أهم أهداف الاحتلال الأميركي للعراق. ولم يخف اعترافه بأهمية هذا الإجراء، وراح يعمل بالسرعة الملفتة للنظر من أجل إلغاء القانون الصادر عن قيادة ثورة 17 – 30 تموز / يوليو من العام 1972م، واستخدم السلطة الوهمية لما يُسمَّى (مجلس الحكم الانتقالي في عراق ما بعد الاحتلال) لتشريع قراراته الاقتصادية؛ وهو السبب الذي دفع قيادة الحزب في القطر العراقي، وقيادة المقاومة العراقية، الى تنبيه الرأي العام العراقي والعربي إلى خطورة هذا الإجراء، وإلى تهديد ما يُسمى بمجلس الحكم الانتقالي من تنفيذ مآرب الاحتلال وأهدافه الحقيقية من احتلال العراق([4]).
أما إذا أردنا أن نذكر بعض عناوين مظاهر توظيف الثروة الوطنية العراقية لمصلحة الشعب العراقي، فإننا نجد ما يلي:
- ثورة في التنمية العمرانية : وهذا لن يكون إلاَّ واضحاً من خلال مقارنة شارع الرشيد –الذي كان من أهم مظاهر التقدم العمراني في بغداد قبل ثورة العام 1968م - مع ما تبدو عليه بغداد اليوم. وقياساً عليه يمكننا مقارنة تلك التنمية على صعيد مساحة العراق كله، وخاصة في المدن العراقية الرئيسة، من دون أن نهمل ما حصلت عليه القرى الصغيرة أيضاً.
- التنمية العلمية الشاملة : وهذا ما تدل عليه مظاهر انتشار الجامعات في كل المدن العراقية. والجامعات –كمظهر من أهم مظاهر التنمية العلمية- وسَّعت ميادين الاختصاص في البحث العلمي حتى شملت كل ما له علاقة بالتكنولوجيا الحديثة. والذي كان يتتبَّع مشاهد رحلات فرق التفتيش عن الأسلحة العراقية، منذ العام 1992م حتى آذار من العام 2003م، رأى أهمية وحداثة تلك التنمية. وليس هناك دليل أبلغ من وجود آلاف العلماء العراقيين المختصين بشتى أنواع التكنولوجيا المعاصرة؟(V).
هنا لا يمكننا إلاَّ أن نسجل بأن مجانية التعليم في العراق، منذ مراحله الابتدائية الإلزامية وصولاً إلى المراحل الجامعية والتعليم العالي مفتوحة الأبواب أمام كل العراقيين، ناهيك عن الطلاب العرب الذين يعدون بعشرات الآلاف الذين تخرجوا من تلك الجامعات. وتأتي لامركزية التعليم الجامعي، بحيث لا تخلو أية مدينة عراقية من العديد من الجامعات والمعاهد المختصة.
-الضمان الاجتماعي والصحي : وهو ضمان شامل ولامركزي، بحيث تعم المؤسسات الصحية، وهي من المؤسسات المتقدمة، كل أنحاء العراق. وإذا كانت القرى غير مزوَّدة بالمستشفيات فإنها لا تخلو من مراكز صحية تؤمن الخدمات الطبية المجانية الضرورية لكل المواطنين.
- يمتاز العراق بتأمين فرص العمل الواسعة لكل خريجي الجامعات والمعاهد، ولهذا كان مما يمتاز به العراق، قبل الحصار الذي فُرض عليه من العام 1991م، بأنه كان يوزع المواد الغذائية الضرورية المجانية على كل المواطنين بدون استثناء. وهذا ما يدفعنا إلى الاستنتاج بأن العراقي، كان هو الوحيد في العالم الذي يجد باستمرار ما يأكله، وهو الوحيد الذي لا يتعرض للجوع.
-كانت من خطط التنمية التي وضعها نظام الحزب في العراق ما يبرهن على أن تحويل المجتمع العراقي من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج من أهم هموم النظام السياسي. لتلك الغاية بنى النظام مؤسستين صناعيتين، وهما:
المؤسسة الأولى : وهي المؤسسة الصناعية ذات الانتاج المخصص للاستهلاك المدني والتي كانت تعمل على بناء المصانع التي كان من المقدر لبعضها أن يتحول إلى مصدر للسوق الخارجي، لولا بعض ما واجهته من منع ومحاربة ضد دخول بضائعها حتى إلى الأسواق العربية، ومن أهمها مصانع الاسكندرية لتصنيع الجرارات والشاحنات. أما بعضها الآخر فقد كان يلبي حاجات الاستهلاك المحلي العراقي، والبعض منه كان يتم تصديره إلى الخارج، ومن أهمها إنتاج مئات الأصناف من الأدوية.
أما المؤسسة الثانية : فكانت تهتم بالتصنيع العسكري، لكي يتحرر العراق من عبء استيراد الأسلحة وصفقات شرائه التي لا تغيب عنها كثرة الشروط والقيود. ناهيك عن أن الدول المصدِّرة للسلاح لا تزوِّد العرب سلاحاً يؤمِّن لهم التفوق، أو حتى موازاة السلاح الذي يُزوِّد به الكيان الصهيوني، خاصة من حيث النوعية، والكفاءة الفنية والتكنولوجية.
كادت مؤسسة التصنيع العسكري العراقي تنتج، وقد انتجت فعلاً في مرحلة من المراحل، أنواعاً من السلاح الاستراتيجي. وكان هذا يعني بداية فعلية لإحداث توازن في القوى العسكرية بين الكيان الصهيوني والأمة العربية، وهذا من أكثر الأسباب إلحاحاً التي سرَّعت في العدوان الثلاثيني على العراق في العام 1991م.
استناداً إلى كل ما سبق، نرى أن المشروع النهضوي العراقي كان، بطموحاته القومية العربية، من أخطر المشاريع التي تحدَّت استراتيجية الرأسمال العالمي بطموحاته الاستعمارية العالمية. ومن هنا وُضِع العراق على رأس استهدافات القوى الرأسمالية السياسية العالمية، وعلى رأسها المؤسسة الصهيونية والأميركية. وبعد أن أمَّم ثروته النفطية، وأصبح أمر العدوان على العراق أكثر إلحاحاً عندما أخذ يدخل العصر العربي المعاصر من بوابة الإنتاج العسكري.
وقبل أن يمتلك العراق قوة نووية حتى ولو كانت من أصغر الأحجام، ضُرب المفاعل النووي العراقي، في العام 1981م، بواسطة الطائرات الصهيونية المعادية. ولما فشلت المراهنة على خروجه ضعيفاً من حربه مع إيران، وما إن وضعت تلك الحرب أوزارها في صيف العام 1988م، حتى ابتدأت قوى الرأسمال العالمي والصهيوني تعد لجولة مباشرة من الضغوطات قادت إلى العدوان الثلاثيني في العام 1991م، ولما استمر العراق في الممانعة على الرغم من ذلك العدوان، استمر الحصار عليه من جهة واستمرت الضغوطات العسكرية والسياسية من جهة أخرى، ولما لم تجد نفعاً، حينما بقي الموقف العراقي مستعصياً ضد الإرادة الرأسمالية الأميركية الصهيونية، اتخذت الإدارات السياسية لتلك القوى قراراً بالحرب، وراحت تفتش عن ذرائع لتبريره. وقامت بتنفيذ قراراها منذ العشرين من آذار من العام 2003م.

حسن خليل غريب
لبــنان في أيلول / سبتمبر 2003م

([1]) هيكل، محمد حسنين: سنوات الغليان: مركز الأهرام: مصر: 1983م: ط1: ص 254.جاء حول هذه المسألة أن أميركا كانت تحسب سوريا أخطر نقطة في الشرق الأوسط، لأن مصدر قوِّتها هو جيشها الذي كانت أغلب ضباطه متحمسة للتوجه القومي العربي، والجماعات المؤثرة فيه كانت على صلة مع حزب البعث العربي الاشتراكي.
([2]) راجع بحثنا المنشور تحت عنوان في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والإسلام: دار الطليعة: بيروت: 200م: ط2: صص 370 – 372.
([3]) تمظهرت مخاوف المشروع الإمبريالي من حزب البعث العربي الاشتراكي من خلال تصريحات بريمر وقراراته. فأما التصريحات فقد كانت تأخذ مضامين »اجتثاث عناصر حزب البعث«، التي كانت تصدر تارة عنه، وتارة أخرى عن عملاء الاحتلال من العراقيين. أما حول القرارات فقد اتخذ بول بريمر قراراً بإلغاء فلسفة حزب البعث من كل المناهج الدراسية. وأصدر أمراً، في الأول من أيار من العام 2003م، بعنوان: »تطهير المجتمع العراقي من حزب البعث«. ]راجع ملاحق الكتاب[.
([4]) حذَّر بيان صادر عن منظمة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، بتاريخ 11/ 7/ 2003م، من مشروع بريمر الخطير، وجاء فيه –في معرض تواطوء مجلس الحكم الانتقالي مع مخططات الاحتلال في سياقاتها الاقتصادية- ومنها الموافقة على مخطط بريمر الداعي إلى: »تخصيص القطاع النفطي الوطني وفتح الطــــــريق لاستثمارات الشركات الأجنبية«. ]راجع ملاحق الكتاب[.
V تجدر الإشارة، هنا، إلى أن بريمر –الحاكم العسكري الأميركي للعراق بعد الاحتلال- صرَّح بأن يسعى لخصخصة ما يقرب من (190) منشأة صناعية حكومية في العراق. ومن جانب آخر كانت قوات الاحتلال تعمل على ملاحقة العلماء العراقيين، الذين بنوا المشاريع الصناعية في العراق وعملوا على تطوير الأبحاث ذات الشأن بالبرنامج الصناعي العسكري العراقي. كما سرَّبت الأنباء معلومات عن جهاز أمني شكَّلته الموساد -جهاز مخابرات العدو الصهيوني- لملاحقة العلماء العراقيين وتصفيتهم، وأشارت الأنباء إلى تصفية تسعة منهم.
الثلاثاء 15 ربيع الاول 1425 / 4 آيار 2004